الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن من سبَّ الله عز وجل أو سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم وكان مؤمناً فقد ارتدَّ عن دينه، سواء كان مازحاً أو جادّاً أو مستهزئاً، وذلك لقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.
ويجب على المرتد أن ينطق بالشهادتين بعد تبرِّيه مما قال، مع كثرة الاستغفار والندم على ما صدر منه، والجزم على أن لا يعود إليه.
وإذا ارتدَّ الرجل أو المرأة وكانا متزوجين فسخ عقد الزواج بينهما، فإن كانت الردة من أحد الزوجين قبل الدخول بطل النكاح بينهما، وإن كانت الردة بعد الدخول فسخ العقد عند الحنفية وتبين المرأة من زوجها ولا تحل له إلا بعقد جديد، وعند الجمهور لا تبين منه إلا بانقضاء عدتها، فإن عاد المرتد منهما إلى الإسلام ضمن العدة فلا يحتاج إلى عقد جديد بينهما.
جاء في المبسوط للسرخسي: وإذا ارتدَّ المسلم بانت منه امرأته، مسلمة كانت أو كتابية، دخل بها أو لم يدخل بها، عندنا، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إن كان لم يدْخل بها فكذلك.
وجاء في بدائع الصنائع: ومنها الفرقة إذا ارتدَّ أحد الزوجين، ثم إن كانت الردة من المرأة كانت فرقة بغير طلاق بالاتفاق.
ويقول الإمام الشيرازي رحمه الله في المهذَّب: إذا ارتدَّ الزوجان، أو أحدهما: فإن كان قبل الدخول وقعت الفرقة، وإن كان بعد الدخول وقفت الفرقة على انقضاء العدَّة، فإن اجتمعا على الإسلام قبل انقضاء العدة فهما على النكاح، وإن لم يجتمعا وقعت الفرقة، لأنه انتقال من دين إلى دين يمنع ابتداء النكاح، فكان حكمه ما ذكرناه كما لو أسلم أحد الوثنيين.
وبناء عليه:
فما دامت المرأة ارتدت عن الإسلام قبل الدخول فسخ العقد بينها وبين زوجها وبانت منه، فلا تحل له إلا بعقد جديد بعد عودتها إلى الإسلام والتوبة، لأنه لا عدة عليها بعد فسخ عقد زواجها لعدم الدخول بها. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |