الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالهبةُ لا تكونُ إلا مقبوضةً أو مَحوزَةً، لما أخرجه الإمام أحمد عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: (لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: «إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى إِلَّا هَدِيَّتِي مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ» قَالَ: وَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةَ مِسْكٍ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ).
وعلى هذا ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ من الحنفية والشافعية وروايةٌ مَرجوحةٌ عندَ الحنابلة أنَّ الهبةَ لا تثبتُ إلا بالقبضِ، فلا يثبتُ الملكُ للموهوبِ له قبلَ قبضِ الشَّيءِ الموهوبِ، وليسَ في الإيجابِ والقبولِ فقط قُوَّةُ إلزامٍ للواهبِ لإقباضِ الشَّيءِ الموهوبِ للموهوبِ له.
وبناء على ذلك:
فإنَّ وَعْدَ جدَّتِكَ لك بالتَّنازلِ ليسَ مُلزماً لها فضلاً عن أن يكونَ مُلزماً لِوَرَثَتِها، لذلكَ حِصَّتُها من تَرِكةِ ولدِها آلت لِوَرَثَتِها، وليسَ لك فيها حقٌّ، إلا إذا تنازلَ وَرَثَةُ جدَّتِكَ البالغين لك عن حِصَّتِها من والدِكَ.
ويقول أستاذنا الشيخ الفاضل الدكتور أحمد الحجي الكردي:
[أرى أن هذا في الأصل وعد بالتنازل وليس هبةً، لذلك يكون هذا الوعد غير نافذ بالإجماع]. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |