الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ثَبَتَ تحريمُ الغَصْبِ في القرآنِ العظيمِ، وذلكَ بقولِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ﴾. وبقولِهِ تعالى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون﴾.
وكذلكَ ثَبَتَ تحريمُ الغَصْبِ في أحاديثَ شريفةٍ، فقد روى الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا». وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال:« اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ». وروى الشيخان عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَخَذَ شِبْراً مِنْ الْأَرْضِ ظُلْماً، فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». وروى الإمام أحمد وابن ماجه عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ». هذا أولاً.
ثانياً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ غاصِبَ العقارِ ضامنٌ لما غَصَبَ، ويكونُ إثباتُ يَدِ الغاصِبِ على الشَّيءِ بالسُّكنى وَوَضْعِ الأمتعةِ وغيرِها، ويَتَرتَّبُ عليه ضِمناً بالضَّرورةِ إزالةُ يَدِ المالِكِ، لاستِحالةِ اجتِماعِ اليَدَينِ على محلٍّ واحدٍ وفي حالةٍ واحدةٍ.
وبناء على ذلك:
فمن حقِّكَ أن تُطالِبَ الغاصِبَ بقيمةِ العقارِ الذي تمَّ قصفُهُ وتهديمُهُ، لأنَّ ما يُضمنُ في الإتلافِ يجبُ أن يُضمَنَ في الغَصْبِ، وَيُمكِنُ لِلغَاصِبِ أَن يَرجِعَ فِيمَا ضَمِنَهُ عَلى مَن قَامَ بِالإِتْلافِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |