الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اختَلَفَ الفُقَهاءُ في حُكمِ مَسحِ الرَّقَبَةِ عِندَ الوُضوءِ:
ذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ وفي رِوايَةٍ للإمامِ أحمد رَحِمَهُ اللهُ تعالى إلى أنَّ من مُستَحَبَّاتِ الوُضوءِ مَسحُ المُتَوَضِّئِ رَقَبَتَهُ بِظَهرِ يَدَيهِ، لِعَدَمِ استِعمالِ بِلَّتِهِما.
قالَ ابنُ عابدينَ في حاشِيَتِهِ: هذا هوَ الصَّحيحُ ـ يعني الاستِحبابَ ـ وقِيلَ: إنَّهُ سُنَّةٌ.
وجاءَ في البَحرِ الرَّائِقِ: وَفِي الْخُلَاصَةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ أَدَبٌ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُسْتَحَبِّ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
وَأَمَّا مَسْحُ الْحُلْقُومِ فَبِدْعَةٌ، وَاسْتَدَلَّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى اسْتِحْبَابِ مَسْحِ الرَّقَبَةِ لأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ مَسَحَ ظَاهِرَ رَقَبَتِهِ مَعَ مَسْحِ الرَّأْسِ، فَانْدَفَعَ بِهِ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ. اهـ.
وذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءُ من المالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ في الصَّحيحِ من المَذهَبِ، إلى أنَّهُ لا يُسَنُّ مَسحُ الرَّقَبَةِ، إذْ لم يَثبُتْ فيهِ شَيءٌ.
وبناء على ذلك:
فَعِندَ جُمهورِ الفُقَهاءِ لا يُسَنُّ مَسحُ الرَّقَبَةِ أثناءَ الوُضوءِ، وهوَ مُستَحَبٌّ عِندَ الحَنَفِيَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.