الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾. يَعني: لا يَجوزُ للمَرأةِ أن تَكتُمَ ما خَلَقَ اللهُ تعالى في رَحِمِها من حَمْلٍ أو حَيْضٍ، ويَجِبُ عَلَيها أن تَصدُقَ فيما تَقولُ. هذا أولاً.
ثانياً: نَصَّ فُقَهاءُ الحَنَفِيَّةِ على أنَّ أقَلَّ مُدَّةِ الحَيضِ ثَلاثَةَ أيَّامٍ بِلَياليها، وأقَلَّهُ عِندَ الشَّافِعِيَّةِ والحَنابِلَةِ يَومٌ ولَيلَةٌ، وعِندَ المالِكِيَّةِ لا حَدَّ لأقَلِّهِ بالزَّمانِ، وأقَلُّهُ دُفعَةً للعِبادَةِ، ويَومٌ أو بَعضُهُ للعِدَّةِ.
ثالثاً: كذلكَ نَصَّ جُمهورُ الفُقَهاءِ من الحَنَفِيَّةِ والمالِكِيَّةِ والشَّافِعِيَّةِ على أنَّ أقَلَّ مُدَّةِ الطُّهرِ بَينَ حَيضَتَينِ خَمسَةَ عَشَرَ يَوماً، وعِندَ الحَنابِلَةِ أقَلُّ الطُّهرِ بَينَ حَيضَتَينِ ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوماً.
وبناء على ذلك:
فقد تَحيضُ المَرأةُ في شَهرٍ واحِدٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، وبذلكَ تَنتَهي عِدَّتُها عِندَ السَّادَةِ الحَنابِلَةِ، لأنَّها لو حاضَت بَعدَ الطَّلاقِ مُباشَرَةً يَوماً واحِداً، ثمَّ طَهُرَت ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوماً، ثمَّ حَاضَت يَوماً واحِداً، ثمَّ طَهُرَت ثَلاثَةَ عَشَرَ يَوماً، ثمَّ حاضَت يَوماً واحِداً، يَكونُ مَجموعُ الأيَّامِ تِسعَةً وعِشرينَ يَوماً، وبذلكَ تَنتَهي عِدَّتُها عِندَ السَّادَةِ الحَنابِلَةِ، خِلافَ جُمهورِ الفُقَهاءِ الذينَ يَرَونَ أقَلَّ مُدَّةِ الطُّهرِ بَينَ حَيضَتَينِ خَمسَةَ عَشَرَ يَوماً.
وعَلَيهِ فَعَقدُكَ عَلَيها صَحيحٌ عِندَ السَّادَةِ الحَنابِلَةِ، لأنَّهُ قد تَحيضُ المَرأةُ ثَلاثَ حَيضاتٍ في شَهرٍ واحِدٍ، وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ الأَخْذَ بِقَوْلِ جُمهُورِ الفُقَهَاءِ هُوَ أَوْلَى وَأَقْرَبُ للصَّوَابِ، وَأَخْذُكَ بِقَوْلِ السَّادَةِ الحَنَابِلَةِ لَا حَرَجَ فِيهِ لِأَنَّكَ تَزَوَّجْتَ مِنْهَا وَأَنْتَ على يَقِينٍ بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدِ انْتَهَتْ، وَلَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ بِبَالِكَ بِأَنَّ المَرْأَةَ قَدْ تَحِيضُ في شَهْرٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهَذِهِ مِنَ الحَالَاتِ النَّادِرَةِ جِدَّاً عِنْدَ النِّسَاءِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
