الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: قال تعالى: ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُون﴾. فالإنباءُ والخِطابُ من الله تعالى هُما من خَصائِصِ الأنبِياءِ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ.
ثانياً: روى الحاكم عن أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَنَبِيَّاً كَانَ آدَمُ؟
قَالَ: «نَعَمْ، مُعَلَّمٌ مُكَلَّمٌ».
ثالثاً: روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ».ـ ثمَّ قال: ـ «فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أهلِ الْأَرْضِ».
رابعاً: روى الإمام أحمد عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال في حَديثِ يَومِ القِيامَةِ: «وَلَكِن ائْتُوا نُوحاً رَأْسَ النَّبِيِّينَ».
وعلى هذا ذَهَبَ كَثيرٌ من العُلَماءِ إلى أنَّ سَيِّدَنا آدَمَ عَلَيهِ السَّلامُ هوَ أوَّلُ نَبِيٍّ، وسَيِّدَنا نوحٌ عَلَيهِ السَّلامُ هوَ أوَّلُ المُرسَلِينَ.
وذَهَبَ بَعضُهُم إلى أنَّ سَيِّدَنا آدَمَ عَلَيهِ السَّلامُ هوَ أوَّلُ نَبِيٍّ وأوَّلُ رَسولٍ، بِدَليلِ قَولِ الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين﴾.
فهذهِ الآيَةُ تَدُلُّ على أنَّهُ بَلَّغَ أبناءَهُ شَرعاً من الله تعالى، ولذلكَ قالَ المُؤمِنُ هابيلَ: ﴿لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِين﴾.
وبناء على ذلك:
فالمَسألَةُ خِلافِيَّةٌ، والقَولُ الرَّاجِحِ أنَّهُ أوَّلُ نَبِيٍّ، وأنَّ سَيِّدَنا نوحاً عَلَيهِ السَّلامُ هوَ أوَّلُ رَسولٍ إلى النَّاسِ. هذا، والله تعالى أعلم.