وصية بحرمان

6648 - وصية بحرمان

24-12-2014 5733 مشاهدة
 السؤال :
أوصى رجل بأن لا يُعطَى أحد أولاده شيئاً من التركة بعد موته، وأوصى بذلك لبعض أولاده، وحذر بأنه إذا أعطاه فهو غضبان عليه في قبره، ومات الرجل، فهل تعتبر وصية هذا الرجل وصية شرعية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6648
 2014-12-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْخَيْرِ سَبْعِينَ سَنَةً، فَإِذَا أَوْصَى حَافَ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الشَّرِّ سَبْعِينَ سَنَةً، فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ، فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ».

قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾.

واتَّفَقَ الفُقَهَاءُ على أنَّ الوَصِيَّةَ بِحِرْمَانِ بَعْضِ الوَرَثَةِ الشَّرعِيِّيِنَ بَاطِلَةٌ شَرعَاً، ولا تُعتَبَرُ وَصِيَّةً يَجِبُ تَنْفِيذُهَا.

وجَاءَ في صَحِيحِ الإمام البخاري عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، فَاسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِن الْأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي.

قَالُوا: بَلَى.

قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَباً.

فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَاراً.

فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا.

فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضاً، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ.

فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ».

وبناء على ذلك:

فَوَصِيَّةُ هذا الرَّجُلِ بِحِرْمَانِ بَعْضِ أَولادِهِ من التَّرِكَةِ لَيسَتْ وَصِيَّةً شَرعِيَّةً، وهوَ آثِمٌ في وَصِيَّتِهِ هذهِ، لأنَّ العُقُوقَ لا يَمْنَعُ من الحُقُوقِ.

والإِسلامُ حَرَّضَنَا على طَاعَةِ الوَالِدَينِ، ولكنْ في غَيرِ مَعصِيَةٍ للهِ عزَّ وجلَّ، لأنَّهُ لا طَاعَةَ لِمَخلُوقٍ في مَعصِيَةِ الخَالِقِ.

لذلكَ يَجِبُ على الوَصِيِّ أن يُقَسِّمَ التَّرِكَةَ بَينَ الوَرَثَةِ كَمَا شَرَّعَ اللهُ تعالى، ويُعطِيَ أَخَاهُ الذي أَوصَى وَالِدُهُ بِحِرْمَانِهِ نَصِيبَهُ من التَّرِكَةِ، وغَضَبُ وَالِدِهِ لا يَضُرُّهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5733 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام الوصية وتصرفات المريض

 السؤال :
 2022-08-12
 104
مَاتَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَكَانَ قَدْ كَتَبَ وَصِيَّةً بِدُونِ تَوْقِيعٍ مِنْهُ، وَبِدُونِ شُهُودٍ، وَبِدُونِ عِلْمِ المُوصَى لَهُ، فَهَلْ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ؟ وَكَيْفَ تَثْبُتُ الوَصِيَّةُ حَتَّى يُنَفِّذَهَا الوَرَثَةُ؟
 السؤال :
 2019-09-30
 689
تُوُفِّيَ زَوْجُ أُخْتِي بَعْدَ أَنْ أَوْصَى لَهَا بِمَبْلَغٍ مِنَ المَالِ، وَجَعَلَ ابْنَهُ وَعَامِلَاً عِنْدَهُ شَاهِدَيْنِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ لَهَا دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَالحَقِيقَةُ لَا دَيْنَ لَهَا عَلَيْهِ، فَهَلْ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ هَذَا المَالَ؟
 السؤال :
 2018-10-26
 1375
رجل مقيم في بلد (ما) أوصى أن ينقل بعد موته إلى مكان آخر، فهل هذه وصية شرعية يجب تنفيذها؟
 السؤال :
 2018-08-29
 14112
مات قريب لي، وعليه ديون كثيرة، وأوصى أبناءه بسداد الدين عنه من تركته، ولم يسدد أولاده الدين عنه، فهل يكون الميت آثماً؟
 السؤال :
 2018-03-24
 2727
هل صحيح بأنه يجب على الجد أن يوصي لأولاد ولده المتوفى قبله، وإذا لم يوصِ يكون آثماً؟
 السؤال :
 2017-05-27
 457
هل يجوز للمرأة أن توصي بذهبها لبناتها دون أبنائها؟ وهل تنفذ هذه الوصية؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3153
المكتبة الصوتية 4762
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411930595
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :