رفض السماوات والأرض والجبال حمل الأمانة

6869 - رفض السماوات والأرض والجبال حمل الأمانة

04-05-2015 3387 مشاهدة
 السؤال :
في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومَاً جَهُولاً}. فهل يعتبر عصياناً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6869
 2015-05-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: المَقْصُودُ بالأَمَانَةِ التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ، وأَعْظَمُهَا الإِيمَانُ، والتي يُجَازَى عَلَيهَا العَبدُ ثَوَابَاً أو عِقَابَاً.

ويُؤَيِّدُ هذا، ما رواه البيهقي عَن ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ مَرْفُوعَاً قَالَ: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ يُكَفِّرُ الذُّنُوبَ كُلَّهَا إلَّا الْأَمَانَةَ.

قَالَ: يُؤْتَى بِالْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقَالُ: أَدِّ أَمَانَتَك.

فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ ذَهَبَت الدُّنْيَا؟

قَالَ: فَيُقَالُ: انْطَلِقُوا بِهِ إلَى الْهَاوِيَةِ، فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إلَى الْهَاوِيَةِ، وَتُمَثَّلُ لَهُ أَمَانَتُهُ كَهَيْئَتِهَا يَوْمَ دُفِعَتْ إلَيْهِ، فَيَرَاهَا فَيَعْرِفُهَا، فَيَهْوِي فِي أَثَرِهَا حَتَّى يُدْرِكَهَا، فَيَحْمِلَهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ خَارِجٌ زَلَّتْ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَهُوَ يَهْوِي فِي إِثْرِهَا أَبَدَ الْآبِدِينَ.

ثُمَّ قَالَ: الصَّلَاةُ أَمَانَةٌ، وَالْوُضُوءُ أَمَانَةٌ، وَالْوَزْنُ أَمَانَةٌ، وَالْكَيْلُ أَمَانَةٌ، وَأَشْيَاءُ عَدَّدَهَا، وَأَشَدُّ ذَلِكَ الْوَدَائِعُ.

فَأَتَيْت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ قُلْت: أَلَا تَرَى إلَى مَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ؟

قَالَ: كَذَا، قَالَ: كَذَا؟

قَالَ: صَدَقَ، أَمَا سَمِعْت اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا﴾.

وروى الترمذي الحكيم عَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللهُ لآدَمَ: يَا آدَمُ، إِنِّي عَرَضْتُ الأَمَانَةَ على السَّمَوَاتِ والأَرْضِ والجِبَالِ فَلَمْ يُطِقْنَهَا، فَهَل أَنْتَ حَامِلُهَا بِمَا فِيهَا؟

قَالَ: وَمَا فِيهَا يَا رَبِّ؟

قَالَ: إِنْ حَمَلْتَهَا أُجِرْتَ، وَإِنْ ضَيَّعْتَهَا عُذِّبْتَ.

قَالَ: فَأَنَا أَحْمِلُهَا بِمَا فِيهَا.

قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ في الجَنَّةِ إلا قَدْرَ مَا بَيْنَ صَلاةِ الأُولَى إلى العَصْرِ، حَتَّى أَخْرَجَهُ الشَّيْطَانُ مِنهَا».

ثانياً: السَّمَاوَتُ والأَرضُ والجِبَالُ لا يُمْكِنُهُمُ العِصْيَانُ، قَالَ تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعَاً أَوْ كَرْهَاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾.

واللهُ تَبَارَكَ وتعالى عَرَضَ طَاعَتَهُ على السَّمَاوَتِ والأَرضِ والجِبَالِ على أَنَّهَا إِنْ أَحْسَنَتْ أُثِيبَتْ وجُزِيِتَ، وإِنْ ضَيَّعَتْ عُوقِبَتْ، فَأَبَتْ حَمْلَهَا شَفَقَةً مِنهَا أَنْ لا تَقُومَ بالوَاجِبِ الذي عَلَيهَا، وقُلْنَ: لا، نَحنُ مُسَخَّرَاتٌ لأَمْرِكَ، لا نُرِيدُ ثَوَابَاً ولا عِقَابَاً.

وبناء على ذلك:

 

فالأَمَانَةُ هيَ التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ وعلى رَأْسِهَا الإِيمَانُ، ولا تُعْتَبَرُ السَّمَاوَتُ والأَرضُ والجِبَالُ رَفَضْنَ أَمْرَ اللهِ تعالى، وَوَقَعْنَ في العِصْيَانِ، لأَنَّ اللهَ تعالى عَرَضَ عَلَيهِنَّ عَرْضَاً، فَاعْتَذَرْنَ، ولَكِنْ عِنْدَمَا أَمَرَهُنَّ بِقَولِهِ: ﴿ائْتِيَا طَوْعَاً أَوْ كَرْهَاً﴾ فَأَجَابَتَا: ﴿أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾. هذا، واللهُ تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3387 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2025-05-07
 149
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَّا أَسْبَغَ عَلَيْهِ نِعَمًا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، حَتَّى وَلَو كَانَ كَافِرًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحًا فَكَيْفَ نَفْهَمُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الفَاتِحَةِ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؟ هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نَطْلُبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا طَرِيقَ الكُفَّارِ؟
رقم الفتوى : 13617
 السؤال :
 2024-08-01
 1134
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 547
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 766
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 5
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 679
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424854781
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :