الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالقُرآنُ العَظِيمُ جَاءَ بِلُغَةِ العَرَبِ، وكَانَتِ العَرَبُ تُطْلِقُ كَلِمَةَ الصَّاحِبَةِ على الزَّوْجَةِ، ولهذا لَمْ يَسْتَغْرِبِ العَرَبُ هذهِ الكَلِمَةَ، بَل فَهِمُوا أَنَّ المَقْصُودَ من قَولِهِ تعالى: ﴿وَصَاحِبَتِهِ﴾. أي: زَوْجَتِهِ.
وكذلكَ لَفْظُ الصَّاحِبَةِ وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الحاكم عَن يَحيَى بنِ عَبَّادٍ بنِ عَبدِ اللهِ ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ قَتْلِ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ بَعدَ أَن الْتَقَى هوَ وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ حِينَ عَلاهُ شَدَّادُ بنُ الأَسْوَدِ بالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ تُغَسِّلُهُ المَلَائِكَةُ».
فَسَأَلُوا صَاحِبَتَهُ فَقَالَتْ: إِنَّهُ خَرَجَ لَمَّا سَمِعَ الهَائِعَةَ وهوَ جُنُبٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «لِذَلِكَ غَسَّلَتْهُ المَلَائِكَةُ».
وبناء على ذلك:
فَكَلِمَةُ صَاحِبَة تُطْلَقُ على الزَّوْجَةِ عِنْدَ العَرَبِ قَبلَ الإِسْلامِ، والقُرآنُ العَظِيمُ جَاءَ بِلُغَةِ العَرَبِ، وقَد جَاءَ في السِّيرَةِ أَنَّ قُرَيشَاً قَالُوا لأَبِي العَاصِ زَوْجِ السَّيِّدَةِ زَينَبَ رَضِيَ اللهُ عَنها، بِنْتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: فَارِقْ صَاحِبَتَك وَنَحْنُ نُزَوّجُك أَيَّ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ شِئْتَ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |