الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ اللهَ تعالى أَخْبَرَ عِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّ هذا الدِّينَ مَحْفُوظٌ بِحِفْظِ اللهِ تعالى لَهُ، ولَيْسَ مَوْكُولاً أَمْرُ حِفْظِهِ للنَّاسِ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.
والدَّعْوَةُ إلى هذا الدِّينِ لَيْسَ خَوْفَاً على هذا الدِّينِ من الضَّيَاعِ، بَل هوَ خَوْفٌ على النَّاسِ من الضَّيَاعِ، فالدِّينُ لَيْسَ بِحَاجَةٍ إلى العِبَادِ، ولَكِنَّ العِبَادَ هُم بِحَاجَةٍ إلى هذا الدِّينِ.
وَرَبُّنَا عزَّ وجلَّ عِنْدَمَا تَوَلَّى حِفْظَ هذا لدِّينِ من الضَّيَاعِ، هوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ الذي يَعْلَمُ أَنَّ الأُمُورَ لا تَكُونُ إلا بِأَسْبَابٍ، فَمِن حِفْظِ اللهِ تعالى لهذا الدِّينِ أَنَّهُ هَيَّأَ لهذا الدِّينِ أَسْبَابَ حِفْظِهِ، من وَرَثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ.
وبناء على ذلك:
فالدَّعْوَةُ إلى الدِّينِ لَيْسَ من أَجْلِ حِفْظِ الدِّينِ، بَل من أَجْلِ حِفْظِ الإِنسَانِ، وحَفْظُ اللهِ تعالى لهذا الدِّينِ كذلكَ جَعَلَ اللهُ لَهُ سَبَبَاً، وهوَ بَقَاءُ الطَّائِفَةِ المُتَمَسِّكَةِ بهذا الدِّينِ، لا يَضُرُّهُم من خَالَفَهُم، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ تعالى. هذا، واللهُ تعالى أعلم.