الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد نَهَى اللهُ تعالى عَن سَبِّ آلِهَةِ المُشْرِكِينَ مَعَ كَوْنِ السَّبِّ لآلِهَتِهِم غَيْظَاً وحَمِيَّةً للهِ تعالى، وإِهَانَةً لآلِهَتِهِم، لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إلى سَبِّهِم للهِ تعالى، وكَانَتْ مَصْلَحَةُ تَرْكِ مَسَبَّتِهِ تعالى أَرْجَحَ من مَصْلَحَةِ سَبِّنَا لآلِهَتِهِم، كَمَا نَهَى عَن كَلِمَةِ: ﴿رَاعِنَا﴾ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لليَهُودِ إلى سَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، لأَنَّ كَلِمَةَ ﴿رَاعِنَا﴾ في لُغَتِهِم سَبٌّ للمُخَاطَبِ.
فَرَبُّنَا عزَّ وجلَّ نَهَى المُؤْمِنِينَ عَن سَبِّ أَوْثَانِ الكُفَّارِ وَأَصْنَامِهِم، لِعِلْمِهِ تعالى أَنَّ المُؤْمِنِينَ إذا سَبُّوهَا ازْدَادَ هؤلاءِ الكُفَّارِ كُفْرَاً ونُفُورَاً، فَيَسُبُّوا المُؤْمِنِينَ بِمِثْلِ مَا سَبُّوهُم بِهِ.
وحُكْمُ هذهِ الآيَةِ كَمَا قَالَ العُلَمَاءُ بِاقٍ في هذهِ الأُمَّةِ على كُلِّ حَالٍ، فَمَتَى كَانَ الكَافِرُ في مَنَعَةٍ وخِيفَ أَنْ يَسُبَّ الإِسْلامَ أو النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، أو اللهَ عزَّ وجلَّ، فلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسُبَّ صُلْبَانَهُم ولا دِينَهُم ولا كَنَائِسَهُم، ولا يَتَعَرَّضَ إلى مَا يُؤَدِّي إلى ذلكَ، لأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ البَعْثِ على المَعْصِيَةِ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |