البدعة المحرمة

7063 - البدعة المحرمة

03-11-2015 5941 مشاهدة
 السؤال :
ما هي البدعة المحرمة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7063
 2015-11-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَد ذَهَبَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ والعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ وَأَبُو شَامَةَ، وَالنَّوَوِيُّ من الشَّافِعِيَّةِ، وَالإِمَامُ القرَافِيُّ وَالزَّرْقَانِيُّ من المَالِكِيَّةِ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ من الحَنَابِلَةِ، وَابْنُ عَابِدِينَ من الحَنَيِفَةِ إلى تَقْسِيمِ البِدْعَةِ تِبْعَاً للأَحْكَامِ الخَمْسَةِ إِلَى: وَاجِبَةٍ أَوْ مُحَرَّمَةٍ أَوْ مَنْدُوبَةٍ أَوْ مَكْرُوهَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ. وَضَرَبُوا لِكُلٍّ من هذهِ الأَقْسَامِ أَمْثِلَةً:

فَمِن أَمْثِلَةِ البِدْعَةِ الوَاجِبَةِ: الاشْتِغَالُ بِعِلْمِ النَّحْوِ، الّذي يُفْهَمُ بِهِ كَلامُ اللّهِ وَكَلامُ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لأَنَّ حِفْظَ الشَّرِيعَةِ وَاجِبٌ، ولا يَتَأَتَّى حِفْظُهَا إلاّ بِمَعْرِفَةِ ذلكَ، وَمَا لا يَتِمُّ الوَاجِبُ إلاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ؛ وَتَدْوِينُ الكَلامِ في الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ لِتَمْيِيزِ الصَّحِيحِ من السَّقِيمِ، لأَنَّ قَوَاعِدَ الشَّرِيعَةِ دَلَّتْ على أَنَّ حِفْظَ الشَّرِيعَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِيمَا زَادَ على القَدْرِ المُتَعَيِّنِ، ولا يَتَأَتَّى حِفْظُهَا إلاّ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

ومن أَمْثِلَةِ البِدْعَةِ المُحَرَّمَةِ: مَذْهَبُ القَدَرِيَّةِ والخَوَارِجِ والمُجَسِّمَةِ.

ومن أَمْثِلَةِ البِدْعَةِ المَنْدُوبَةِ: إِحْدَاثُ المَدَارِسِ وَبِنَاءُ القَنَاطِرِ وَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ في المَسْجِدِ جَمَاعَةً.

ومن أَمْثِلَةِ البِدْعَةِ المَكْرُوهَةِ: زَخْرَفَةُ المَسَاجِدِ وَتَزْوِيقُ المَصَاحِفِ.

وأمَّا أَمْثِلَةُ البِدْعَةِ المُبَاحَةِ فَمِنْهَا: المُصَافَحَةُ عَقِيبَ صَلاةِ الصُّبْحِ والعَصْرِ، وَمِنْهَا التَّوَسُّعُ في اللَّذِيذِ من المَآكِلِ والمَشَارِبِ والمَلَابِسِ.

وبناء على ذلك:

فَالبِدْعَةُ في العَقِيدَةِ مُحَرَّمَةٌ، وَقَد تَتَدَرَّجُ إلى أَنْ تَصِلَ إلى الكُفْرِ؛ فَأَمَّا الّتي تَصِلُ إلى الكُفْرِ فَهِيَ أَنْ تُخَالِفَ مَعْلُومَاً من الدِّينِ بالضَّرُورَةِ، كَبِدْعَةِ الجَاهِلِيِّينَ الّتي نَبَّهَ عَلَيْهَا القُرْآنُ الكَرِيمُ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ﴾. وَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ﴾. وَحَدَّدُوا كذلكَ ضَابِطَاً للبِدْعَةِ المُكَفِّرَةِ، وَهِيَ: أَنْ يَتَّفِقَ الكُلُّ على أَنَّ هذهِ البِدْعَةَ كُفْرٌ صَرَاحٌ لا شُبْهَةَ فِيهِ.

البِدْعَةُ في العِبَادَاتِ:

اِتَّفَقَ العُلَمَاءُ على أَنَّ البِدْعَةَ في العِبَادَاتِ مِنْهَا مَا يَكُونُ حَرَامَاً وَمَعْصِيَةً، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مَكْرُوهَاً.

ـ البِدْعَةُ المُحَرَّمَةُ:

ومن أَمْثِلَتِهَا: بِدْعَةُ التَّبَتُّلِ والصِّيَامُ قَائِمَاً في الشَّمْسِ، والخِصَاءُ لِقَطْعِ الشَّهْوَةِ في الجِمَاعِ والتَّفَرُّغِ للعِبَادَةِ، لِمَا جَاءَ عَن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَدِيثِ الرَّهْطِ الّذين فَعَلُوا ذلكَ: روى الإمام البخاري عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا.

فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ.

قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدَاً.

وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ.

وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدَاً.

فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا واللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
5941 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 78
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 331
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 69
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 91
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 127
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 167
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5698
المقالات 3216
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 423368953
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :