الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لَمْ يُفَرِّقِ الفُقَهَاءُ بَيْنَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، عَدَا الحَنَفِيَّةِ حِيْثُ قَالُوا: المَكْرُوهُ تَحْرِيمَاً هُوَ مَا طُلِبَ تَرْكُهُ على وَجْهِ الحَتْمِ والإِلْزَامِ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، مِثْلُ البَيْعِ على بَيْعِ الغَيْرِ، والخِطْبَةُ على الخِطْبَةِ، وحُكْمُهُ: يُثَابُ تَارِكُهُ، ويُعَاقَبُ فَاعِلُهُ.
أَمَّا المَكْرُوهُ تَنْزِيهَاً هُوَ مَا طَلَبَ الشَّرْعُ تَرْكَهُ طَلَبَاً غَيْرَ جَازِمٍ، ولا يُشْعِرُ بالعُقُوبَةِ، كَتَرْكِ السُّنَنِ المُؤَكَّدَةِ، وحُكْمُهُ: يُثَابُ تَارِكُهُ ويُلامُ فَاعِلُهُ.
وبناء على ذلك:
فَكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ إلى الحَرَامِ أَقْرَبُ، وكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ إلى الحِلِّ أَقْرَبُ، ومَن تَرَكَ المَكْرُوهَ أُجِرَ عَلَيْهِ، ومَن فَعَلَهُ عُوقِبَ عَلَيْهِ أَو عُوتِبَ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.