الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاقْتِدَاءِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ المُقْتَدِي على إِمَامِهِ، هَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» رواه الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
والائْتِمَامُ يَعْنِي الاتِّبَاعَ، وَالمُتَقَدِّمُ غَيْرُ تابِعٍ.
وَخَالَفَ في ذَلِكَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى، حَيْثُ قَالَ: هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَيُجْزِئُهُ التَّقَدُّمُ إِذَا أَمْكَنَهُ مُتَابَعَةَ الإِمَامِ ـ يَعْنِي: يَصِحُّ الاقْتِدَاءُ بِالإِمَامِ، وَلَو كَانَ المَأْمُومُ مُتَقَدِّمَاً على الإِمَامِ، مَا دَامَ يُمْكِنُهُ مُتَابَعَتُهُ في صَلَاتِهِ ـ وَلَكِنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ مُتَقَدِّمَا على المَأْمُومِ، وَيُكْرَهُ التَّقَدُّمُ على الإِمَامِ وَمُحَاذَاتُهُ إلا لِضَرُورَةٍ.
وبناء على ذلك:
فَلَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ على الإِمَامِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَيَصِحُّ مَعَ الكَرَاهَةِ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ، إلا لِضَرُورَةٍ فَلَا كَرَاهَةَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |