المتعدي على مال اليتيم

7603 - المتعدي على مال اليتيم

25-09-2016 3394 مشاهدة
 السؤال :
رجل عنده يتامى، وهو يتعدى على أموالهم، فيأكل منها، ويأخذ منها ما شاء، فهل يحل له هذا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7603
 2016-09-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبَاً كَبِيرَاً﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَاً﴾.

ثانياً: روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟

قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ».

وروى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْمٌ مِنْ قُبُورِهِمْ تَأَجَّجُ أَفْوَاهُهُمْ نَارَاً».

فَقِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «أَلَمْ تَرَ اللهَ يَقُولُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمَاً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارَاً﴾».

وروى الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: «أُحَرِّجُ مَالَ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ وَالْـمَرْأَةِ» (أَيْ: أُحَذِّرُ مِنْ ذَلِكَ تَحْذِيرَاً بَلِيغَاً، وَأَزْجُرُ عَنْهُ زَجْرَاً أَكِيدَاً).

ثالثاً: نَصَّ الفُقَهَاءُ أَنَّ أَكْلَ مَالِ اليَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنَ الكَبَائِرِ، وَتُهْلِكُ العَبْدَ، وَتُثْقِلُ وِزْرَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَتَجْعَلُ ذَاكَ العَبْدَ في سَخَطِ اللهِ تعالى؛ وَمِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي أَكْلُ أَمْوَالِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ اليَتَامَى، وَقَدْ حَضَّ اللهُ تعالى على مَزِيدِ العِنَايَةِ بِاليَتَامَى، وَحَذَّرَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالبَاطِلِ، لِأَنَّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ تَجِدُ أَمْوَالَ اليتامى سَهْلَةَ المَنَالِ بِسَبَبِ ضَعْفِهِمْ وَعَجْزِهِمْ، لِذَا كَانَتْ عُقَوبَةُ أَكْلِ مَالِ اليَتِيمِ بِغَيْرِ حَقٍّ عُقُوبَةً شَدِيدَةً وَعَظِيمَةً.

وبناء على ذلك:

فَلْيَحْذَرِ العَبْدُ مِنْ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إلى مَالِ اليَتِيمِ ظُلْمَاً، لِأَنَّ عَاقِبَتَهُ وَخِيمَةٌ؛ وَالعَجَبُ كُلُّ العَجَبِ أَنْ تَجِدَ الحَرِيصَ على أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ وَنَوَافِلِ العِبَادَاتِ قَدْ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِحُقُوقِ النَّاسِ، وَخَاصَّةً بِأَمْوَالِ اليَتَامَى، وَحَمَلَ على ظَهْرِهِ أَوْزَارَاً تَنُوءُ بِحَمْلِهَا الجِبَالُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَمْ تَرُدَّ عَنْهُ صَلَاتُهُ وَلَا صِيَامُهُ وَلَا قِرَاءَتُهُ القُرْآنَ عَنْ طَمَعِ نَفْسِهِ وَشُحِّهَا وَخِسَّتِهَا؛ وَلَمْ يَرْحَمْ ضَعْفَ اليَتِيمِ، فَاعْتَدَى على حَقِّهِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَمَا ذَاكَ إلا لِضَعْفِ الإِيمَانِ.

اللَّهُمَّ أَغْنِنَا بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطَاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ. آمين.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3394 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 390
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 642
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 270
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 283
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 273
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 329
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424890211
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :