الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ روى الحاكم والنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ وَصَلَ صَفَّاً وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفَّاً قَطَعَهُ اللهُ».
وروى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتِمُّوا الصَّفَّ الْـمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْـمُؤَخَّرِ».
وروى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ عَلَيْهِمُ السَّلَام يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ، وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً، رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً».
وروى أبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِبَ فِي الصَّلَاةِ».
وَنصَّ الفُقَهَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ على أَنَّ مِنْ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ إِكْمَالَ الصَّفِّ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ في إِنْشَاءِ الصَّفِّ الثَّانِي إلا بَعْدَ كَمَالِ الأَوَّلِ؛ وَهَذَا مَوْضِعُ اتِّفَاقِ الفَقَهَاءِ.
فَوَصْلُ الصُّفُوفِ سُنَّةٌ مَؤَكَّدَةٌ، وَتَرْكُهُ فِيهِ الكَرَاهِيَةُ.
وبناء على ذلك:
فَمَا يُقَالُ: «مَنْ وَصَلَ صَفَّاً وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفَّاً قَطَعَهُ اللهُ». هُوَ حَدِيثٌ شَرِيفٌ رواه الحاكم والنَّسَائِيُّ؛ وَفِيهِ وَعِيدٌ على قَطْعِ الصَّفِّ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَعْنَى: «مَنْ وَصَلَ صَفَّاً وَصَلَهُ اللهُ» يَعْنِي بِإِخْوَانِهِ وَأَحْبَابِهِ؛ «وَمَنْ قَطَعَ صَفَّاً قَطَعَهُ اللهُ» يَعْنِي عَنْ أَصْحَابِهِ وَأَحْبَابِهِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: «اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ». هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |