الشكوى لغير الله تعالى

8038 - الشكوى لغير الله تعالى

13-05-2017 2989 مشاهدة
 السؤال :
ما هو حكم الشكوى لغير الله تعالى من الخلق، رجاء دعوة صالحة منهم، وخاصة من الأبوين؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8038
 2017-05-13

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الأَصْلُ في الشَّكْوَى للمَخْلُوقَاتِ أَنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِكَمَالِ الصَّبْرِ، وَتَحْرُمُ هَذِهِ الشَّكْوَى إِذَا كَانَ فِيهَا تَسَخُّطٌ مِنْ قَدَرِ اللهِ تعالى، لِذَا مِنَ الوَاجِبِ عَلَى العَبْدِ أَن يَجْعَلَ شَكْوَاهُ لِمَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

سَيِّدُنَا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ﴾.

وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفَ قُوَّتِي، وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ» رواه الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: أَمَّا إِذَا كَانَتِ الشَّكْوَى لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلَا حَرَجَ فِيهَا، كَمَنْ يَشْكُو إلى طَبِيبٍ مَرَضَهُ لِيَصِفَ لَهُ الدَّوَاءَ، أَو كَمَنْ يَشْكُو حَاجَتَهُ وَفَقْرَهُ لِغَنِيٍّ لِيَدْفَعُ لَهُ صَدَقَةً وَمَعُونَةً، أَو يَشْكُو لِأُمِّهِ وَلِأَبِيهِ أَو لِأَحَدٍ مِنَ الصَّالِحِينَ مِنْ أَجْلِ الْتِمَاسِ الدُّعَاءِ مِنْهُ، فَلَا حَرَجَ في هَذا، بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الشَّافِيَ الحَقِيقِيَّ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تعالى لَا الطَّبِيبُ، وَأَنَّ المُعْطِيَ الحَقِيقِيَّ هُوَ اللهُ تعالى لا العَبْدُ الغَنِيُّ، وَأَنَّ المُسْتَجِيبَ للدُّعَاءِ وَقَاضِيَ الحَاجَاتِ هُوَ اللهُ تعالى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وبناء على ذلك:

فَالشَّكْوَى يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ إِلَّا للهِ تعالى، قَالَ تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾. وَلَكِنْ لَا حَرَجَ مِنَ الشَّكْوَى لِمَخْلُوقٍ بِقَصْدِ أَمْرٍ مَـشْرُوعٍ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ شَكْوَاهُ للهِ تعالى أَوَّلَاً؛ عَنِ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعَاً إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍ».

فَإِذَا أَرَادَ الإِنْسَانُ أَنْ يَشْكُوَ أَمْرَهُ لِمَخْلُوقٍ مِنْ أَجْلِ طَلَبِ الدُّعَاءِ أَو المُسَاعَدَةِ، مَعَ العِلْمِ اليَقِينِيِّ وَالجَازِمِ بِأَنَّ المُعْطِيَ وَالمَانِعَ الحَقِيقِيَّ إِنَّمَا هُوَ اللهُ تعالى وَحْدَهُ، فَلَا حَرَجَ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتِ الشَّكْوَى لِطَلَبِ الدُّعَاءِ، وَاسْتِعْطَافِ قُلُوبِ الأَبَوَيْنِ وَالصَّالِحِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2989 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 343
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 593
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 235
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 252
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 243
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 305
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424676025
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :