أعود للمعصية

8165 - أعود للمعصية

14-06-2017 2115 مشاهدة
 السؤال :
إني شاب أتوب إلى الله تعالى من المعصية، ولكن ما أشعر بـنفسي إلا وقد رجعت إلى الذنب والمعصية ثانية، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8165
 2017-06-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمِنْ فَضْلِ اللهِ تعالى بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ، وَلَنْ يُغْلَقَ حَتَّى تَقَعَ رُوحُ العَبْدِ بِالغَرْغَرَةِ، أَو تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَيَجِبُ عَلَى المُؤْمِنِ أَنْ يَصْدُقَ في تَوْبَتِهِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّمَا وَقَعَ في الذَّنْبِ.

روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: «أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبَاً، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.

فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبَّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ.

ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.

فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبَاً، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبَّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ.

ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.

فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبَّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ».

وروى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خِيَارُكُمْ كُلُّ مُفْتَنٍ تَوَّابٍ (كُلَّمَا فُتِنَ تَابَ).

قِيلَ: فَإِنْ عَادَ؟

قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللهَ وَيَتُوبُ.

قِيلَ: فَإِنْ عَادَ؟

قَالَ: يَسْتَغْفِرُ اللهَ وَيَتُوبُ.

قِيلَ: حَتَّى مَتَى؟

قَالَ: حَتَّى يَكُونَ الشَّيْطَانُ هُوَ المَحْسُورَ.

وَقِيلَ للحَسَنِ: أَلَا يَسْتَحْيِ أَحَدُنَا مِنْ رَبِّهِ يَسْتَغْفِرُ مِنْ ذُنُوبِهِ ثُمَّ يَعُودُ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ ثُمَّ يَعُودُ؟

فَقَالَ: وَدَّ الشَّيْطَانُ لَو ظَفِرَ مِنْكُمْ بِهَذَا ـ أَيْ بِاليَأْسِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالكَفِّ عَنْهَا ـ  فَلَا تَمَلُّوا مِنَ الاسْتِغْفَارِ.

وبناء على ذلك:

فَلَيْسَتِ المُشْكِلَةُ في المَعْصِيَةِ، المُشْكِلَةُ في الإِصْرَارِ عَلَيْهَا، يَقُولُ سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَلَمَّ بِذَنْبٍ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ، فَإِنْ عَادَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ، فَإِنْ عادَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ وَلْيَتُبْ، فَإِنَّمَا هِيَ خَطَايَا مُطَوَّقَةٌ في أَعْنَاقِ الرِّجَالِ، وَإِنَّ الهَلَاكَ كُلَّ الهَلَاكِ في الإِصْرَارِ عَلَيْهَا.

فَالمُؤْمِنُ مُذْنِبٌ تَائِبٌ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه البزار عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُؤْمِنُ وَاهٍ رَاقِعٌ، فَسَعِيدٌ مَنْ هَلَكَ عَلَى رَقَعِهِ».

فَلَا تَيْأَسْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تعالى، وَعَلَيْكَ بِصِدْقِ التَّوْبَةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2115 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1125
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 208
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 574
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2794
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1236
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7464
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412887388
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :