﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾

8467 - ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾

10-11-2017 2116 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى في سورة الشعراء: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾. أي شعراء هؤلاء؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8467
 2017-11-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾. هُمْ شُعَرَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الفِسْقِ وَالمُجُونِ الذينَ يَتَّبِعُهُمْ الغَاوُونَ مِنَ النَّاسِ وَشَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ.

هَؤُلَاءِ الشُّعَرَاءُ الذينَ يَذْهَبُونَ في كُلِّ وَادٍ كَالـهَائِمِ عَلَى وَجْهِهِ، لَا يَعْرِفُ قَصْدَهُ، وَلَا هَدَفَهُ، حَائِرٌ عَنِ الحَقِّ، بَعِيدٌ عَنْ طَرِيقِ الرَّشَادِ وَقَصْدِ السَّبِيلِ.

هَؤُلَاءِ الشُّعَرَاءُ الذينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَمَا لَا يَعْتَقِدُونَ، يَمْدَحُونَ بِالبَاطِلِ مَنْ شَاؤُوا، وَيَهْجُونَ آخَرِينَ كَذِبَاً وَزُورَاً.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَقِّ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحَاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرَاً» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالشُّعَرَاءُ الذينَ عَنَاهُمُ اللهُ تعالى في آخِرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ هُمُ الذينَ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، مِنَ المُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الفِسْقِ وَالفُجُورِ، وَالذينَ يَجْعَلُونَ الحَقَّ بَاطِلَاً، وَالبَاطِلَ حَقَّاً، يَمْدَحُونَ أَهْلَ البَاطِلِ، وَيَذُمُّونَ أَهْلَ الحَقِّ، وَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ.

أَمَّا الشُّعَرَاءُ الذينَ يُدَافِعُونَ عَنِ الحَقِّ وَأَهْلِهِ، وَيَذُمُّونَ البَاطِلَ وَأَهْلَهُ، فَلَيْسُوا مَشْمُولِينَ بِهَذَا.

روى الشيخان عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ: «اهْجُهُمْ ـ أَوْ هَاجِهِمْ ـ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ».

وروى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اهْجُوا قُرَيْشَاً، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ».

لِذَا نَرَى الآيَةَ الكَرِيمَةَ اسْتَثْنَتِ الشُّعَرَاءَ الذينَ هُمْ أَهْلُ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، فَقَالَ تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرَاً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.

فَالشِّعْرُ كَلَامٌ، حَسَنُهُ حَسَنٌ، وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ.

يُروَى عَنِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ قَوْمَاً أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ لَنَا إِمَامَاً إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ تَغَنَّى.

فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هُوَ؟

فَذُكِرَ لَهُ الرَّجُلُ.

فَقَالَ: قُومُوا بِنَا إِلَيْهِ؛ فَإِنَّا إِنْ وَجَّهْنَا إِلَيْهِ يَظُنُّ أَنَّا تَجَسَّسْنَا عَلَيْهِ أَمْرَهُ.

قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَوُا الرَّجُلَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ.

فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ إِلَى عُمَرَ قَامَ فَاسْتَقْبَلَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَا حَاجَتُكَ؟ وَمَا جَاءَ بِكَ؟ إِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ لَنَا؛ كُنَّا أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْكَ أَنْ نَأْتِيَكَ، وَإِنْ كَانَتِ الْحَاجَةُ لَكَ؛ فَأَحَقُّ مَنْ عَظَّمْنَاهُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيَحَكَ، بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ سَاءَنِي.

قَالَ: وَمَا هُوَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: أَتَتَمَجَّنُ فِي عِبَادَتِكَ؟

قَالَ: لَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَكِنَّهَا عِظَةٌ أَعِظُ بِهَا نَفْسِي.

قَالَ عُمَرُ: قُلْهَا، فَإِنْ كَانَ كَلَامَاً حَسَنَاً قُلْتُهُ مَعَكَ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحَاً نَهَيْتُكَ عَنْهُ.

فَقَالَ:

وَفُـؤَادِي كُـلَّـمَـا عَـاتَـبْتُـهُ   ***   فِي مَدَى الْهِجْرَانِ يَبْغِي  تَعَبِي

لَا أَرَاهُ الـــــدَّهْرَ إِلَّا لَاهِيَاً   ***   فِي تَـمَـادِيـهِ فَـقَـدْ بَـرَّحَ بِـي

يَا قَرِينَ السُّوءِ مَا هَذَا الصِّبَا   ***   فَنِيَ الْـعُـمْـرُ كَـذَا فِي اللَّعِبِ

وَشَـبَـابٌ بَـانَ عَنِّي فَمَضَى    ***   قَبْلَ أَنْ أَقْـضِـيَ مِـنْـهُ أَرَبِـي

مَـا أُرَجِّـي بَـعْـدَهُ إِلَّا الْـفَنَا    ***   ضَيَّقَ الشَّيْبُ عَلَيَّ مَـطْـلَـبِي

وَيْـحَ نَـفْـسِي لَا أَرَاهَـا أَبَـدَاً   ***   فِي جَـمِـيـلٍ لَا وَلَا فِي أَدَبِ

نَفْسُ لَا كُنْتِ وَلَا كَانَ الْهَوَى   ***   رَاقِبِي المَوْلَى وَخَافِي وَارْهَبِي

قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ رِضِيَ اللهُ عَنْهُ:

نَفْسُ لَا كُنْتِ وَلَا كَانَ الْهَوَى   ***   رَاقِبِي الْمَوْلَى وَخَافِي وَارْهَبِي

ثُمَّ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَلَى هَذَا فَلْيُغَنِّ مَنْ غَنَّى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2116 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 926
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 431
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 576
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 373
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 557
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 2048
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5682
المقالات 3210
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422814409
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :