الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالمَقْصُودُ بِالأَعْرَابِ هُمْ سُكَّانُ البَوَادِي وَالبَرَارِي الذينَ لَا يُقِيمُونَ في المُدُنِ، وَلَا يَدْخُلُونَهَا إِلَّا لِحَاجَةٍ.
وَالأَعْرَابُ بِشَكْلٍ عَامٍّ فِيهِمْ طَبْعُ الجَفَاءِ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَكَنَ البَادِيَةَ جَفَا، وَمَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى أَبْوَابَ السُّلْطَانِ افْتَتَنَ» رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
كُفْرُ هَؤُلَاءِ وَنِفَاقُهُمْ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُمْ بَعِيدُونَ عَنْ مَوَاطِنِ العِلْمِ وَالعُلَمَاءِ، وَعِنْدَهُمْ غِلْظَةٌ وَجَفَاءٌ.
وبناء على ذلك:
فَالأَعْرَابُ سُكَّانُ البَوَادِي وَالبَرَارِي كُفْرُ مَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ، وَنِفَاقُ مَنْ نَافَقَ مِنْهُمْ، أَشَدُّ مِنْ كُفْرِ وَنِفَاقِ غَيْرِهِمْ، لِوُجُودِ الفَظَاظَةِ وَالغَلَاظَةِ فِيهِمْ، وَلِجَفْوَتِهِمُ التي جُبِلُوا عَلَيْهَا بِسَبَبِ بُعْدِهِمْ عَنِ العِلْمِ وَالعُلَمَاءِ.
وَلَكِنَّ مِنْهُمْ أَهْلُ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ وَالتَّقْوَى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.