الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالاسْتِخَارَةُ التي عَلَّمَنَا إِيَّاهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هِيَ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ الدُّعَاءُ بِدُعَاءِ الاسْتِخَارَةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاقْدِرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدِرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي» «وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ».
فَإِذَا صَلَّى العَبْدُ صَلَاةَ الاسْتِخَارَةِ، فَلْيَنْظُرْ إلى الذي يَسْبِقُ إلى قَلْبِهِ وَلْيَعْمَلْ بِهِ، روى ابْنُ السُّنِّيِّ في عَمَلِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَنَسُ، إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَاسْتَخِرْ رَبَّكَ فِيهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى الَّذِي يَسْبِقُ إِلَى قَلْبِكَ، فَإِنَّ الْخَيْرَ فِيهِ».
وبناء على ذلك:
فَعَلَى المُسْتَخِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الاسْتِخَارَةِ وَالدُّعَاءِ أَنْ يَنْظُرَ إلى الشَّيْءِ الذي سَبَقَ إلى قَلْبِهِ، وَلْيَعْمَلْ بِهِ؛ وَإِذَا رَأَى قَلْبَهُ قَدِ انْصَرَفَ عَنِ الأَمْرِ فَلْيَصْرِفِ الأَمْرَ عَنْهُ.
هُنَاكَ بَعْضُ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ بِأَنَّ الاسْتِخَارَةِ تَعْنِي أَنْ يُرِيَ اللهُ تعالى العَبْدَ المُسْتَخِيرَ مَنَامَاً في القَضِيَّةِ التي يُقْبِلُ عَلَيْهَا، أَو أَنْ يَرَى شَخْصَاً في مُخِيِّلَتِهِ يَقُولُ لَهُ: افْعَلْ أَو لَا تَفْعَلْ؛ هَذَا الظَّنُّ خَاطِئٌ.
إِذَا اسْتَخَارَ العَبْدُ رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ في الأَمْرِ في الخَاطِرِ الذي سَبَقَ إلى قَلْبِهِ وَلْيَعْمَلْ بِهِ إِذَا كَانَ مُيَسَّرَاً، لِأَنَّهُ قَالَ في دُعَائِهِ: «فَاقْدِرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي».
وَأَمَّا إِذَا رَأَى صَرْفَاً لِقَلْبِهِ عَنِ الأَمْرِ فَـلْيَصْرِفِ الأَمْرَ، لِأَنَّهُ قَالَ في دُعَائِهِ: «فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ». هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |