من هو الذي أوتي الآيات؟

8689 - من هو الذي أوتي الآيات؟

17-02-2018 493 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8689
 2018-02-17

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى آمِرَاً لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْلُوَ عَلَى الأُمَّةِ خَبَرَ رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ تعالى آيَاتِهِ فَانْسَلَخَ مِنْهَا: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في تَعْيِينِ هَذَا الرَّجُلِ الذي ذَكَرَهُ اللهُ تعالى في هَذِهِ الآيَةِ، يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم: هُوَ بَلْعَامُ بْنُ بَاعَوْرَاءَ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ في زَمَنِ سَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ عَالِمَاً كَبِيرَاً يَكْتُبُ عَنْهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ كَاتِبٍ.

كَانَ في ظَاهِرِ الأَمْرِ رَجُلَاً صَالِحَاً فِيمَا يَبْدُو للنَّاسِ، ثُمَّ ضَلَّ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، وَسُلِخَتْ مِنْهُ جَمِيعُ العُلُومِ التي آتَاهُ اللهُ تعالى إِيَّاهَا، ثُمَّ انْسَلَخَ مِنْهُ الإِيمَانُ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

وروى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾. قَالَ: هُوَ بَلْعَمُ بْنُ بَاعُورَاءَ.

وَقِيلَ: نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ في حَقِّ غَيْرِ هَذَا الرَّجُلِ.

وبناء على ذلك:

فَالذي عَلَيْهِ أَكْثَرُ العُلَمَاءِ وَالمُفَسِّرِينَ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الذي أُوتِيَ الآيَاتِ، ثُمَّ انْسَلَخَ مِنْهَا، وَسُلِخَ مِنْهُ الإِيمَانُ هُوَ بَلْعَامُ بْنُ بَاعَوْرَاءَ؛ وَسَبَبُ ذَلِكَ اتِّبَاعُهُ لِهَوَاهُ، وَسَيْرُهُ خَلْفَ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ، وَرَغْبَتُهُ في الدُّنْيَا؛ وَمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ سَاءَتْ خَاتِمَتُهُ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

هَذَا الرَّجُلُ الذي كَانَ مُكَرَّمَاً، صَارَ مَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْبِ بِسَبَبِ اتِّبَاعِ هَوَاهُ وَشَهَوَاتِهِ، وَشُبِّهَ بِالكَلْبِ لِأَنَّ الكَلْبَ يَلْهَثُ في سَائِرِ أَحْوَالِهِ، إِنْ حَمَلْتَ عَلَيْهِ يَلْهَثْ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ يَلْهَثْ.

هَذَا الرَّجُلُ الذي ضَرَبَهُ اللهُ تعالى مَثَلَاً لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَبِرَ وَيَتَذَكَّرَ، فَمَنْ أُوتِيَ القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ وَالعِلْمَ وَالنُّورَ وَالهُدَى، وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ ـ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى مِنْ عِلْمٍ  لَا يَنْفَعُ ـ قَدْ تَكُونُ نَتِيجَتُهُ نَتِيجَةَ هَذَا الرَّجُلِ، بِحَيْثُ يَكُونُ ضَلَالُهُ عَلَى عِلْمٍ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾؟

نَسْأَلُكَ يَا رَبَّنَا عِلْمَاً نَافِعَاً، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَاجْعَلْ هَمَّنَا الآخِرَةَ، وَاجْعَلْ عِلْمَنَا حُجَّةً لَنَا لَا عَلَيْنَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
493 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 230
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1438
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 620
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1674
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1430
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 949
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414114187
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :