النظر بريد الزنا

8762 - النظر بريد الزنا

23-03-2018 1175 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن النظر بريد الزنا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8762
 2018-03-23

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ النَّظَرَ إلى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ حَرَامٌ شَرْعَاً، وَإِنَّ إِطْلَاقَ الـبَصَرِ فِيهِ مَضَارُّ شَدِيدَةٌ عَلَى النَّاظِرِ؛ مِنْ أَهَمِّهَا:

أولاً: إِطْلَاقُ البَصَرِ طَرِيقُ الزِّنَا، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ».

ثانياً: يَجِعَلُ في القَلْبِ لَوْعَةً وَهِيَاجَاً فَيَجُرُّ إلى الحَرَامِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى.

ثالثاً: يُفْسِدُ القَلْبَ وَالخُلُقَ.

رابعاً: فِيهِ قِلَّةُ حَيَاءٍ مِنَ اللهِ تعالى، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ للهِ.

قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُرِ المَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» رواه الترمذي. وَمَنْ حَفِظَ الرَّأْسَ غَضَّ البَصَرَ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ تعالى.

خامساً: سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ شُيُوعِ الفَاحِشَةِ في المُجْتَمَعَاتِ، وَهَذَا سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ دَمَارِ المُجْتَمَعَاتِ، روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا مَـعْشَرَ المُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا ...» رواه ابن ماجه وَغَيْرُهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ للبَيْهَقِيِّ: «وَلَا ظَهَرَتِ الفاَحشِةَ ُفي قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ المَوْتَ».

وَغَضُّ البَصَرِ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ تعالى فَوَائِدُهُ كَثِيرَةٌ:

أولاً: تَتَذَوَّقُ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ وَلَذَّتَهُ، والتي هِيَ أَطْيَبُ وَأَحْلَى مِمَّا تَرَكَتَهُ للهِ تعالى، فَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرَاً مِنْهُ.

رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَالحَاكِمُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ، مَنْ تَرَكَهَا مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمَانَاً يَجِدُ حَلاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ».

ثانياً: يُنَوِّرُ القَلْبَ، وَإِذَا تَنَوَّرَ القَلْبُ تَنَوَّرَ الفِكْرُ وَالعَقْلُ، وَإِذَا تَنَوَّرَ القَلْبُ وَالفِكْرُ اسْتَقَامَ العَبْدُ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

ثالثاً: مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الحَيَاءِ، وَالحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ.

رابعاً: فِيهِ رَاحَةٌ للنَّفْسِ وَالبَدَنِ.

خامساً: غَضُّ البَصَرِ يَجْعَلُ المُجْتَمَعُ آمناً متحابَّاً، لَا تَنْتَشِرُ فِيهِ الفَوَاحِشُ.

سادساً: يُرْضِي الرَّحْمَنَ وَيُغِيظُ الشَّيْطَانَ.

وَرَحِمَ اللهُ القَائِلَ:

وَكُنْتَ مَتَى أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدَاً   ***   لِـقَـلْـبِـكَ يَوْمَاً أَتْعَبَتْكَ المَنَاظِرُ

رَأَيْتَ الذي لَا كُـلُّـهُ أَنْـتَ قَـادِرٌ    ***   عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ

وَأَخِيرَاً أَقُولُ لِنَفْسِي وَلكُمْ جَمِيعَاً:

لَا تَجْعَلْ قَلْبَكَ أَسِيرَاً بَعْدَ أَنْ كَانَ مَلِكَاً، وَيَرْحَمُ اللهُ القَائِلَ:

رُبَّ مَـسْـتُورٍ سَبَتْهُ صَبْوَةٌ   ***   فَـتَـعَـرَّى سِتْرُهُ فَانْتَهَكَا

صَاحِبُ الشَّهوةِ عَبْدٌ فَإِذَا   *** غَلَبَ الشَّهْوَةَ صَارَ المَلِكَا

وَمَا ثَبَتَ في الأَحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ قَوْلُ: النَّظَرُ بَرِيدُ الزِّنَا.

وبناء على ذلك:

فَجُمْلَةُ: النَّظَرُ بَرِيدُ الزِّنَا لَيْسَتْ حَدِيثَاً شَرِيفَاً، وَلَكِنَّ المَعْنَى صَحِيحٌ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِغَضِّ البَصَرِ وَحِفْظِ الفَرْجِ وَاللِّسَانِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1175 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 376
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 626
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 253
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 274
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 265
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 321
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424833303
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :