لا تكثر اللوم على الولد

8812 - لا تكثر اللوم على الولد

13-04-2018 2379 مشاهدة
 السؤال :
عندي ولد أتعبني كثيراً في سلوكه وأخلاقه، عاتبته كثيراً، ولكن بدون جدوى، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8812
 2018-04-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِنَّ تَرْبِيَةَ الوَلَدِ مَهَمَّةٌ صَعْبَةٌ وَصَعْبَةٌ جِدَّاً، وَخَاصَّةً في هَذِهِ الآوِنَةِ، حَيْثُ انْفَتَحَ الوَلَدُ عَلَى العَالَمِ أَجْمَعَ مِنْ خِلَالِ التَّوَاصُل عَنْ طَرِيقِ الأَجْهِزَةِ الحَدِيثَةِ، وَمَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ.

لِذَا أَنْصَحُ نَفْسِي وَالسَّائِلَ وَالسَّامِعَ، عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ بِمُتَابَعَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في تَرْبِيَةِ الأَطْفَالِ، سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يُكْثِرُ العِتَابَ عَلَى تَصَرُّفَاتِ وَأَفْعَالِ الطِّفْلِ.

وَمَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَلْجَأُ إلى أُسْلُوبِ التَّوْبِيخِ وَالتَّحْقِيرِ وَالتَّأْنِيبِ.

روى الإمام أحمد عَنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، لَا وَاللهِ مَا سَبَّنِي سَبَّةً قَطُّ، وَلَا قَالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ، وَلَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: أَلَّا فَعَلْتَهُ.

وروى أَيْضَاً عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ عَنْهُ، أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلَامَنِي، فَإِنْ لَامَنِي أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ: «دَعُوهُ، فَلَوْ قُدِّرَ ـ أَوْ قَالَ: لَوْ قُضِيَ ـ أَنْ يَكُونَ كَانَ».

هَذَا هُوَ أُسْلُوبُ المُرَبِّي الكَبِيرِ العَظِيمِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ كَانَ يَزْرَعُ في نَفْسِ سَيِّدِنَا أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ طِفْلٌ دِقَّةَ المُلَاحَظَةِ، وَرُوحَ الحَيَاءِ.

بَلْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُوَجِّهُ الآبَاءَ وَالأُمَّهَاتِ إلى الابْتِعَادِ عَنِ اللَّوْمِ وَالعِتَابِ، وَإِظْهَارِ عُيُوبِ الطِّفْلِ بِكَثْرَةٍ.

روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ في المُصَنَّفِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَو قَالَ أَبُو بَكْرٍ، أَو قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ عَابَ عَلَى ابْنِهِ شَيْئَاً مَنَعَهُ: «ابْنُكَ سَهْمٌ مِنْ كِنَانَتِكَ».

فَمَنْ عَابَ عَلَى وَلَدِهِ عَابَ عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ الذي خَرَّجَ وَرَبَّى هَذَا الوَلَدَ.

وبناء على ذلك:

فَلَا تُكْثِرِ اللَّوْمَ عَلَى وَلَدِكَ في كُلِّ وَقْتٍ، لِأَنَّ كَثْرَةَ المَلَامَةِ تُهَوِّنُ عَلَيْهِ المَلَامَةَ، حَتَّى يَرَاهَا كَأَنَّهَا لَا شَيْءَ، وَهَذَا يَدْفَعُهُ في نِهَايَةِ المَطَافِ إلى ارْتِكَابِ القَبَائِحِ.

عَلَيْكَ بِالنُّصْحِ، وَلَكِنْ قَبْلَ النُّصْحِ قَدِّمِ الثَّنَاءَ وَالمَدْحَ بِمَا تَعْلَمُهُ مِنْ وَلَدِكَ مِنْ صِفَاتٍ حَسَنَةٍ، ثُمَّ انْصَحْ.

هَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ نُصْحَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، مِنْ أَجْلِ القِيَامِ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ».

قَالَ سَالِمٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ، لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلَاً. رواه الشيخان. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2379 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 376
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 626
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 253
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 274
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 265
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 321
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424833027
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :