الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ السَّادَةُ الشَّافِعِيَّةُ إلى جَوَازِ الجَمْعِ بَيْنَ صَلَاتَيِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ وَبَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ، جَمْعَ تَقْدِيمٍ أَو تَأْخِيرٍ.
وَجَاءَ في المُغْنِي: وَإِنْ أَتَمَّ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الْأُولَى، ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ، أَجْزَأَتْهُ، وَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّانِيَةُ فِي وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً مُجْزِيَةً عَنْ مَا فِي ذِمَّتِهِ، وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهَا، فَلَمْ تَشْتَغِلِ الذِّمَّةُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ حَالَ الْعُذْرِ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِزَوَالِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.
وَيَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في المَجْمُوعِ: (أَصَحُّهُمَا) لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ، كَمَا لَوْ قَصَرَ ثُمَّ أَقَامَ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ المُجَرَّدِ وَغَيْرُهُ مِنَ العِرَاقِيِّينَ.
وبناء على ذلك:
فَصَلَاتُكَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْكَ إِعَادَةُ صَلَاةِ الـعَصْرِ، وَلَو دَخَلْتَ بَلَدَكَ قَبْلَ أَذَانِ العَصْرِ.
وَلَكِنِ الأَوْلَى إِذَا كُنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّكَ سَتَصِلُ إلى بَلَدِكَ قَبْلَ أَذَانِ الـعَصْرِ، أَنْ لَا تَجْمَعَ، فَـتَقْصُرَ الظُّهْرَ فَقَطْ، وَتُصَلِّيَ العَصْرَ صَلَاةَ مُقِيمٍ. هذا، والله تعالى أعلم.