الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في صَحِيحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ سَيِّدَنَا إِدْرِيسَ لَيْلَةَ المِعْرَاجِ في السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.
يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانَاً عَلِيَّاً﴾. ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ.
فَالمَكَانُ العَلِيُّ هُوَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ؛ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ رَفْعِ سَيِّدِنَا إِدْرِيسَ إلى السَّمَاءِ حَيَّاً أَمْ مَيْتَاً، لَمْ يَثْبُتْ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في ذَلِكَ شَيْءٌ، وَهُنَاكَ بَعْضُ القِصَصِ الإِسْرَائِيلِيَّةِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا تَقُولُ بِأَنَّهُ رُفِعَ حَيَّاً وَقُبِضَ في السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، وَلَكِنْ كَمَا قُلْتُ، اللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ هَذَا الكَلَامِ، فَهُوَ مِنَ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ.
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَقِدَ اعْتِقَادَاً جَازِمَاً بِأَنَّ سَيِّدَنَا إِدْرِيسَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسلِيمِ رُفِعَ مَكَانَاً عَلِيَّاً وَهُوَ السَّمَاءُ الرَّابِعَةُ، وَلَا نَقُولُ بَعْدَ هَذَا الكَلَامِ كَلَامَاً، لِأَنَّهُ مِنَ الأُمُورِ الغَيْبِيَّةِ التي لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ تعالى، وَلَمْ يَثْبُتْ لَا في القُرْآنِ وَلَا في السُّنَّةِ أَنَّهُ رُفِعَ حَيَّاً ثُمَّ قُبِضَ، أَو أَنَّهُ مَا زَالَ حَيَّاً. هذا، والله تعالى أعلم.