﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾

9384 - ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾

17-01-2019 634 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى قول الله تعالى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9384
 2019-01-17

 

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾.

قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى جِبْرِيلَ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ.

وروى الإمام البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا أُمَّتَاهْ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ؟

فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ (قَامَ مِنَ الفَزَعِ وَالخَوْفِ مِنْ هَيْبَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ، مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ﴾. ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيَاً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدَاً﴾. وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الكَافِرِينَ﴾. وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ.

وفي رواية للشيخين عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَأَيْنَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾.

قَالَتْ: ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ المَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الأُفُقَ. هذا أولاً.

ثانياً: وَهُنَاكَ مَنْ قَالَ أَنَّهُ دَنَا مِنْ حَضْرَةِ مَوْلَانَا فَرَآهُ، روى ابْنُ خُزَيْمَةَ في التَّوْحِيدِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَأَبَا ذَرٍّ كَانَا يَتَأَوَّلَانِ هَذِهِ الآيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا بَيَّنَّا ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ وَتُؤُوِّلَ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَنَا مِنْ خَالِقِهِ عَزَّ وَجَلَّ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْحَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا أَوْحَى، وَأَنَّ فُؤَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُكَذِّبْ مَا رَأَى، يَعْنُونَ رُؤْيَتَهُ خَالِقَهُ جَلَّ وَعَلَا.

وروى الترمذي عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ.

قُلْتُ: أَلَيْسَ اللهُ يَقُولُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾.

قَالَ: وَيْحَكَ، ذَاكَ إِذَا تَجَلَّى بِنُورِهِ الَّذِي هُوَ نُورُهُ، وَقَدْ رَأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَسْأَلَةُ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ مِنَ المَسَائِلِ التي وَقَعَ الكَلَامُ فِيهَا مُبَكِّرَاً في عَهْدِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ إلى يَوْمِنَا هَذَا.

وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ يُثْبِتُونَ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ في لَيْلَةِ المِعْرَاجِ، وَفي هَذَا يَقُولُ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَأَكْثَرُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ لَيْلَةَ المِعْرَاجِ. /كذا في مجموع الفتاوى.

وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الأَصْلَ في رُؤْيَةِ اللهِ تعالى مُمْكِنَةٌ وَلَيْسَتْ مُسْتَحِيلَةً، وَلَو كَانَتْ مُسْتَحِيلَةً في الدُّنْيَا، لَمَا سَأَلَهَا سَيِّدُنَا مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْلِهِ: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾.

وَيَقُولُ الإِمَامُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَلَا نُعَنِّفُ مَنْ أَثْبَتَ الرُّؤْيَةَ لِنَبِيِّنَا في الدُّنْيَا، وَلَا مَنْ نَفَاهَا، بَلْ نَقُولُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

بَلَ نُعَنِّفُ وَنُبَدِّعُ مَنْ أَنْكَرَ الرُّؤْيَةَ في الآخِرَةِ، إِذْ رُؤْيَةُ اللهِ في الآخِرَةِ ثَبَتَتْ بِنُصُوصٍ مُتَوَافِرَةٍ. اهـ. /كذا في سير أعلام النبلاء. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
634 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 208
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1419
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 611
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1662
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1426
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 946
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412764563
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :