تعدد الزوجات

9625 - تعدد الزوجات

26-04-2019 344 مشاهدة
 السؤال :
هل تنصح بتعدد الزوجات، وخاصة إذا كانت الزوجة عنيدة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9625
 2019-04-26

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ الرَّجُلُ في النِّكَاحِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ ظَاهِرَةٍ، إِنْ حَصَلَ بِهَا الإِعْفَافُ، لِمَا في الزِّيَادَةِ عَلَى الوَاحِدَةِ مِنَ التَّعَرُّضِ للمُحَرَّمِ، قَالَ تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَشِقُّهُ سَاقِطٌ» رواه الحاكم والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَالأَصْلُ في الزَّوَاجِ هُوَ الاقْتِصَارُ عَلَى زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتِ الوَاحِدَةُ تَعُفُّ زَوْجَهَا عَنِ الحَرَامِ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِشُرُوطِ الزَّوْجَةِ الصَّالِحَةِ التي إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِنْ غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ في نَفْسِهَا وَمَالِهِ.

ثانياً: لَقَدْ حَثَّنَا الشَّرْعُ عَلَى إِكْرَامِ الزَّوْجَةِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهَا، قَالَ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: أَيْ: طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ، كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾.

وروى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي، وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ».

قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ» يَعْنِي: الَّذِي كُنْتُم تَجْتَمِعُونَ بِهِ، وَكَانَ صَاحِبَاً لَكُمْ، فَلَا تُؤْذُوهُ بِالكَلَامِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَا تَتَكَلَّمُوا فِي عِرْضِهِ بِسُوءٍ، وَقَدْ أَفْضَى إِلَى مَا قَدَّمَ، وَلِأَنَّ غِيبَةَ المَيْتِ أَفْحَشُ مِنْ غِيبَةِ الحَيِّ.

فَالمُؤْمِنُ صَاحِبُ الدِّينِ وَالخُلُقِ يَصْبِرُ عَلَى زَوْجَتِهِ حَتَّى وَلَو كَرِهَهَا، قَالَ تعالى: ﴿فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾.

يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: أَيْ: فَعَسَى أَنْ يَكُونَ صَبْرُكُمْ مَعَ إِمْسَاكِكُمْ لَهُنَّ وَكَرَاهَتِهِنَّ فِيهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ لَكُمْ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ في هَذِهِ الآيَةِ: هُوَ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهَا، فَيُرْزَقَ مِنْهَا وَلَدَاً، وَيَكُونَ في ذَلِكَ الوَلَدِ خَيْرٌ كَثِيرٌ؛ وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: يَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ طَاعَةُ زَوْجِهَا إِنْ كَانَتْ حَرِيصَةً عَلَى رِضَاءِ رَبِّهَا، روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ».

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَهْجُرُ امْرَأَةٌ فِرَاشَ زَوْجِهَا إِلَّا لَعَنَتْهَا مَلَائِكَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

وروى الترمذي وابن ماجه والحاكم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَأَنَا لَا أَنْصَحُ بِالتَّعَدُّدِ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ الوَاحِدَةُ تَعُفُّ زَوْجَهَا عَنِ الحَرَامِ، فَإِذَا كَانَتْ سَيِّئَةَ الأَخْلَاقِ أَنْصَحُهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا، فَإِنْ عَجِزَ عَنْ ذَلِكَ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الفِتْنَةَ أَنْصَحُهُ بِالزَّوَاجِ ثَانِيَةً بَعْدَ إِعْلَامِ زَوْجَتِهِ بِذَلِكَ، فَإِنْ أَصَرَّتْ فَلْيَتَزَوَّجْ بِالثَّانِيَةِ إِذَا كَانَ قَادِرَاً عَلَى العَدْلِ، فَإِنْ خَـشِيَ الجَوْرَ، فَلْيُسَرِّحِ الأُولَى بِإِحْسَانٍ وَلْيَتَزَوَّجِ الثَّانِيَةَ، وَالزَّوْجَةُ تَكُونُ في هَذَا الحَالِ هِيَ الآثِمَةَ بِسَبَبِ عِنَادِهَا مَعَ حُسْنِ أَخْلَاقِ زَوْجِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

344 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1206
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 231
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 584
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2843
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1253
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7520
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413564513
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :