الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالشيطان لا يأمر بطاعة الله عز وجل ولا يأمر بمعروف، وذلك واضح بنص القرآن العظيم حيث يقول الله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168 ـ 169]. ويقول الله تعالى عنه: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268]. ويقول تعالى كذلك عنه: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً} [النساء: 60]. ويقول عنه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91].
فالشيطان لا يأمر إلا بالمعاصي والمنكرات، وينهى عن المعروف والطاعات، وإذا عجز عن العبد أن يوقعه في معصية من المعاصي أتاه بعد طاعته لله عز وجل فوسوس له وأغراه بالغرور والعجب حتى يحبط له طاعته، لذلك كان يقول بعض العلماء في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]. يستحب لك أن تتعوذ من الشيطان الرجيم قبل تلاوة القرآن الكريم وبعد تلاوته، قبل التلاوة حتى لا يشوِّش عليك ولا يحول بينك وبين التلاوة، وبعد التلاوة حتى لا تضيع أجر التلاوة بسبب العجب والغرور.
وربما أن يكون هذا هو القصد من كلام بعض الصالحين الذي يقول: قد يفتح لك الشيطان سبعين باباً من أبواب الخير ليوقعك في باب من أبواب الشر.
يعني: إن عجز عن إيقاعك في المعصية لاحقك أثناء طاعاتك ليحبطها لك. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
