أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7817 - هل الأخلاق الحميدة تدخِل الجنة؟

21-01-2017 3039 مشاهدة
 السؤال :
إذا كان الإنسان كافراً وكانت أخلاقه حميدة، ولم يذكر بسوء، هل يدخل الجنة يوم القيامة؟ وإذا كان لا يدخل الجنة كيف نوفق بين هذا، وبين الحديث الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرَاً. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَجَبَتْ». ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرَّاً، فَقَالَ: «وَجَبَتْ». فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: «هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرَاً، فَوَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرَّاً، فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأَرْضِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7817
 2017-01-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَجِبُ على الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَقِدَ اعْتِقَادَاً جَازِمَاً لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ بِأَنَّ جَمِيعَ الكُفَّارِ الذينَ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَمِيعِ شَرَائِحِ المُجْتَمَعَاتِ وَطَبَقَاتِهِمْ وَعَقَائِدِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ، إِذَا لَمْ يَدْخُلُوا في دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِنُبُوَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ في النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرَاً﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثانياً: يَجِبُ على الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ أَنْ يَعْتَقِدَ اعْتِقَادَاً جَازِمَاً لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ بِأَنَّ دُخُولَ الجَنَّةِ يَتَوَقَّفُ على وُجُودِ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى قَرَنَ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ في القُرْآنِ العَظِيمِ بِشَكْلٍ عَامٍّ، فَقَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلَاً * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلَاً﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾.

وبناء على ذلك:

فَقَدِ اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ وَالعُلَمَاءُ على أَنَّ العَبْدَ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ بَعْدَ بِعْثَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبُلُوغِهِ دَعْوَتَهُ، إِلَّا إِذَا آمَنَ بِاللهِ تعالى وَحْدَهُ، وَآمَنَ بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَفَرَ وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ هَذَا الدِّينَ، دُونَ النَّظَرِ إلى عَمَلِهِ وَأَخْلَاقِهِ وَسِيرَتِهِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرَاً﴾. دُونَ النَّظَرِ إلى أَفْعَالِهِمْ بَعْدَ كُفْرِهِمْ.

فَإِذَا كَانُوا مُحْسِنِينَ في الدُّنْيَا بِدُونِ إِيمَانٍ جَازَاهُمُ اللهُ تعالى في الدُّنْيَا على إِحْسَانِهِمْ بِإِحْسَانٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ﴾. وَأَمَّا في الآخِرَةِ فَلَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾.

أَمَّا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ، فَهَذَا في حَقِّ الإِنْسَانِ المُؤْمِنِ؛ فَالأَوَّلُ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ لِوُجُودِ الإِيمَانِ مَعَ حُسْنِ الخُلُقِ، وَالآخَرُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ لِسُوءِ الخُلُقِ وَلَو كَانَ مُؤْمِنَاً، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ خَالِدَاً فِيهَا بِسَبَبِ وُجُودِ الإِيمَانِ، فَهَذَا تُدْرِكُهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ابْتِدَاءً أَو مَآلَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3039 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2025-03-22
 351
لَقَدْ سَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ يَقُولُ: إِنَّ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ أُمَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فِي الجَنَّةِ، بَلْ هِيَ في ...... فَضَاقَ صَدْرِي مِنْ هَذَا الكَلَامِ، فَمَا صِحَّةُ هَذَا الكَلَامِ؟
 السؤال :
 2025-03-03
 294
مَا صِحَّةُ القَوْلِ: إِنَّ النَّارَ سَوْفَ تَفْنَى يَوْمَ القِيَامَةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 305
هَلْ هُنَاكَ دَلِيلٌ مِنَ القُرْآنِ العَظِيمِ وَالسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، عَلَى أَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ عَيْنُ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 176
نُرِيدُ أَنْ نَعْرِفَ شَيْئًا بِاخْتِصَارٍ عَنِ الفِرْقَةِ الجَبْرِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 243
هَلْ بِالإِمْكَانِ الحَدِيثُ عَنِ الإِمَامِ الأَشْعَرِيِّ، وَمَاذَا قَالَ فِيهِ العُلَمَاءُ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 617
مَا هِيَ عَقِيدَةُ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمْ؟ وَهَلْ كَانَ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ في صِفَاتِ اللهِ تعالى؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424889643
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :