ما هي عقيدة الصحابة الكرام؟

13473 - ما هي عقيدة الصحابة الكرام؟

22-02-2025 387 مشاهدة
 السؤال :
مَا هِيَ عَقِيدَةُ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمْ؟ وَهَلْ كَانَ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ في صِفَاتِ اللهِ تعالى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13473
 2025-02-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ جِيلًا وَرِجَالًا لَا نَظِيرَ لَهُمْ، فَهُمْ خَيْرُ الخَلْقِ بَعْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ».

لَقَدْ كَانُوا نَمُوذَجًا صَالِحًا لِمَنْ أَرَادَ سَلَامَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. كَانُوا نَمُوذَجًا كَامِلًا لِمَنْ أَرَادَ التَّقْوَى ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: الصَّحْبُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ تَمَيَّزُوا بِإِيمَانٍ رَاسِخٍ رُسُوخَ الجِبَالِ، رَسَخَ الإِيمَانُ في قُلُوبِهِمْ وَعُقُولِهِمْ، حَتَّى تَمَكَّنُوا مِنْ نَشْرِ هَذَا الدِّينِ الحَنِيفِ، وَلَمْ يَكُونُوا أَحْزَابًا وَشِيَعًا مُتَفَرِّقِينَ، مَا كَانُوا يَعْرِفُونَ الجَدَلَ وَالخِلَافَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الإِيمَانِ بِاللهِ تعالى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، مَا كَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا فَسَّقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا بَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصِفَاتِ اللهِ تعالى الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ تعالى في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَذَكَرَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَمَا سَأَلَ أَحَدُهُمْ: أَيْنَ اللهُ، في الأَرْضِ أَمْ فِي السَّمَاءِ؟ وَمَا سَأَلَ أَحَدُهُمْ: كَيْفَ اسْتَوَى اللهُ تعالى عَلَى العَرْشِ؟ وَمَا سَأَلَ أَحَدُهُمْ: مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾؟ وَأَمْثَالَ هَذِهِ الأَسْئِلَةِ.

كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِحَقٍّ بِأَسْمَاءِ اللهِ تعالى وَبِصِفَاتِهِ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

ثَالِثًا: لَقَدْ كَانُوا رِجَالًا صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ، لَمْ يُغَيِّرُوا وَلَمْ يُبَدِّلُوا حَتَّى جَاءَهُمُ اليَقِينُ، وَذَلِكَ بِسِرِّ وُجُودِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.

يَقُولُ العَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ: وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُرخِّصُ فِي المَسَائِلِ إِلَّا لِلْأَعْرَابِ وَنَحْوِهِمْ مِنَ الوُفُودِ القَادِمِينَ عَلَيْهِ، يَتَأَلَّفُهُمْ بِذَلِكَ، فَأَمَّا المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ المُقِيمُونَ بِالمَدِينَةِ الَّذِينَ رَسَخَ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَنُهُوا عَنِ المَسْأَلَةِ. اهـ.

وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ، فَيَسْأَلَهُ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ.

فَالصَّحْبُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْهُمْ: لِأَنَّهُمْ أَدْرَكُوا زَمَانَ الوَحْيِ وَشَرَفَ الصُّحْبَةِ، وَأَزَالَ نُورَ الصُّحْبَةِ عَنْهُمْ ظُلْمَ الشُّكُوكِ وَالأَوْهَامِ.

لَقَدْ كَانَ الصَّحْبُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَذَلِكَ بِسِرِّ تَرْبِيَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ، القَائِمَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ التَّامِّ في مَسَائِلِ الدِّينِ عُمُومًا، وَالعَقِيدَةِ خُصُوصًا، مَعَ التَّرْكِيزِ عَلَى آيَاتِ الأَحْكَامِ وَالمُعَامَلَاتِ وَالأَخْلَاقِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالمَسَائِلِ العَمَلِيَّةِ.

مَعَ تَحْذِيرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ مِنَ الجَدَلِ العَقِيمِ الَّذِي لَا عَمَلَ تَحْتَهُ.

سِرُّ هَذَا الإِيمَانِ الرَّاسِخِ في قُلُوبِهِمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ إِضَافَةً لِمَا سَبَقَ، السَّلِيقَةُ العَرَبِيَّةُ الخَالِصَةُ مِنْ شَوَائِبِ العُجَمَةِ، وَالَّتِي كَانَ لَهَا الأَثَرُ الكَبِيرُ في فَهْمِ مَعَانِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَمَقَاصِدِهِ، فَهُوَ الَّذِي نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ، وَخَاطَبَ فِطْرَتَهُمُ الَّتِي فَطَرَهُمُ اللهُ تعالى عَلَيْهَا.

وَأَخِيرًا: مَا وَرَدَ عَنِ الصَّحْبِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ عَلَى مُخْتَلَفِ طَبَقَاتِهِمْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ سَأَلَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، وَبِصِفَاتِهِ العُلَا، الَّتِي وَرَدَت في القُرْآنِ العَظِيمِ، وَعَلَى لِسَانِهِ الشَّرِيفِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ لَقَدْ فَهِمُوا القُرْآنَ العَظِيمَ وَالسُّنَّةَ المُطَهَّرَةَ الَّتِي تَحَدَّثَتْ عَنِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ بِدُونِ سُؤَالٍ عَنْهَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالصَّحْبُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ كَانَ إِيمَانُهُمْ مِثَالًا يُحْتَذَى بِهِ لِمَنْ أَرَادَ الفَوْزَ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَكَانوُا رَاسِخِينَ في العِلْمِ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَسْمَاءِ اللهِ تعالى وَبِصِفَاتِهِ العُلْيَا الَّتِي وَرَدَتْ في القُرْآنِ العَظِيمِ وَفِي السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وَيَقُولُونَ: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾. اهْتَمُّوا بِالعَمَلِ خَشْيَةً مِنَ اللهِ تعالى ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. انْشَغَلُوا بِمَا كُلِّفُوا بِهِ مِنْ إِيمَانٍ مُطْلَقٍ، وَعَمَلٍ بِالأَحْكَامِ، وَتَحَلٍّ بِالأَخْلَاقِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ.

وَنَحْنُ اليَوْمَ لَا سَبِيلَ لِنَا إلى سَبِيلِ عِزَّتِنَا وَسِيَادَتِنَا وَسَعَادَتِنَا دُنْيَا وَأُخْرَى، إِلَّا إِذَا سِرْنَا سَيْرَ الصَّحْبِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ.

وَلْنَعْلَمْ عِلْمًا قَطْعِيًّا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلَّا بَمَا صَلَحَ بِهِ أَوَّلُهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

387 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2025-03-22
 100
لَقَدْ سَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ يَقُولُ: إِنَّ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ أُمَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فِي الجَنَّةِ، بَلْ هِيَ في ...... فَضَاقَ صَدْرِي مِنْ هَذَا الكَلَامِ، فَمَا صِحَّةُ هَذَا الكَلَامِ؟
 السؤال :
 2025-03-03
 130
مَا صِحَّةُ القَوْلِ: إِنَّ النَّارَ سَوْفَ تَفْنَى يَوْمَ القِيَامَةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 158
هَلْ هُنَاكَ دَلِيلٌ مِنَ القُرْآنِ العَظِيمِ وَالسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، عَلَى أَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ عَيْنُ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 94
نُرِيدُ أَنْ نَعْرِفَ شَيْئًا بِاخْتِصَارٍ عَنِ الفِرْقَةِ الجَبْرِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 124
هَلْ بِالإِمْكَانِ الحَدِيثُ عَنِ الإِمَامِ الأَشْعَرِيِّ، وَمَاذَا قَالَ فِيهِ العُلَمَاءُ؟
 السؤال :
 2025-02-15
 126
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَخَرَجْتُ، فَإِذَا هُوَ بِالبَقِيعِ، فَقَالَ: «أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ». هَلْ بِالإِمْكَانِ شَرْحُ كَيْفِيَّةِ نُزُولِ اللهِ تعالى إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5681
المقالات 3209
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422726104
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :