صفة نزول الله تعالى

13463 - صفة نزول الله تعالى

15-02-2025 259 مشاهدة
 السؤال :
رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَخَرَجْتُ، فَإِذَا هُوَ بِالبَقِيعِ، فَقَالَ: «أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ». هَلْ بِالإِمْكَانِ شَرْحُ كَيْفِيَّةِ نُزُولِ اللهِ تعالى إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13463
 2025-02-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا، لَكِنْ لَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ النُّزُولِ إِلَّا هُوَ تعالى، كَمَا لَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الاسْتِوَاءِ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ وتعالى، فَالمُؤْمِنُ الرَّاسِخُ في العِلْمِ لَا يُكَيِّفُ وَلَا يُمَثِّلُ، وَلَا يَزِيدُ وَلَا يُنْقِصُ، بَلْ يَقُولُ كَمَا قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَكَمَا أَخْبَرَ حَبِيبُهُ المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَنَحْنُ نُؤْمِنُ بِهَذَا النُّزُولِ إِيمَانًا قَاطِعًا، بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ، وَنَقُولُ كَمَا قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عَنِ الاسْتِوَاءِ عَلَى العَرْشِ: الاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ (يَعْنِي السُّؤَالَ عَنِ الكَيْفِيَّةِ) وَالإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: لَا نَصِفُ اللهَ تعالى إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ هُنَاكَ مَنْ يُمَثِّلُ، وَهَذَا التَّمْثِيلُ بَاطِلٌ، وَهُنَاكَ مَنْ يُعَطِّلُ، وَهَذَا التَّعْطِيلُ بَاطِلٌ، وَهُنَاكَ الرَّاسِخُونَ في العِلْمِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾. وَيَقُولُونَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. هَذِهِ الآيَةُ تُنَزِّهُ اللهَ تعالى عَنْ مُمَاثَلَةِ المَخْلُوقِينَ، وَهِيَ رَدٌّ عَلَى المُشَبِّهَةِ وَالمُمَثِّلَةِ، وَرَدٌّ عَلَى المُعَطِّلَةِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

فَسَلَفُ الأُمَّةِ الصَّالِحُ لَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِ اللهِ تعالى بِصِفَاتِ خَلْقِهِ، وَلَا يُمَثِّلُونَ ذَاتَهُ تعالى بِذَاتِ خَلْقِهِ، وَلَا يُعَطِّلُونَهَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَهَذَا النُّزُولُ مِنَ المُتَشَابَهِ الَّذِي يُفَوَّضُ عِلْمُ حَقِيقَتِهِ إلى اللهِ تعالى، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ السَّلَفِ.

قَالَ البَيْهَقِيُّ: وَأَسْلَمُهَا الْإِيمَانُ بِلَا كَيْفٍ وَالسُّكُوتُ عَنِ الْمُرَادِ، إِلَّا أَنْ يَرِدَ ذَلِكَ عَنْ الصَّادِقِ فَيُصَارُ إِلَيْهِ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ التَّأْوِيلَ الْمُعَيَّنَ غَيْرُ وَاجِبٍ فَحِينَئِذٍ التَّفْوِيضُ أَسْلَمُ. اهـ. كَذَا فِي فَتْحِ البَارِي. هذا، والله تعالى أعلم.

259 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2025-03-22
 319
لَقَدْ سَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ يَقُولُ: إِنَّ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ أُمَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فِي الجَنَّةِ، بَلْ هِيَ في ...... فَضَاقَ صَدْرِي مِنْ هَذَا الكَلَامِ، فَمَا صِحَّةُ هَذَا الكَلَامِ؟
 السؤال :
 2025-03-03
 281
مَا صِحَّةُ القَوْلِ: إِنَّ النَّارَ سَوْفَ تَفْنَى يَوْمَ القِيَامَةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 295
هَلْ هُنَاكَ دَلِيلٌ مِنَ القُرْآنِ العَظِيمِ وَالسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، عَلَى أَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ عَيْنُ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 173
نُرِيدُ أَنْ نَعْرِفَ شَيْئًا بِاخْتِصَارٍ عَنِ الفِرْقَةِ الجَبْرِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 230
هَلْ بِالإِمْكَانِ الحَدِيثُ عَنِ الإِمَامِ الأَشْعَرِيِّ، وَمَاذَا قَالَ فِيهِ العُلَمَاءُ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 599
مَا هِيَ عَقِيدَةُ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمْ؟ وَهَلْ كَانَ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ في صِفَاتِ اللهِ تعالى؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424747797
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :