الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَا يَسَعُنِي إِلَّا أَنْ أُذَكِّرَ هَذَا الأَخَ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَبِاسْتِحْضَارِ بَعْضِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَقُولَ لَهُ:
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾.
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾.
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾.
أُذَكِّرُكَ يَا أَخِي بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾.
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾.
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾.
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الله غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
أُذَكِّرُكَ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَصِفُ حَالَ هَذَا العَبْدِ الظَّالِمِ ـ لَا تَكُنْ مُجْرِمًا ـ: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ﴾. سَوْفَ يَقُولُ هَذَا العَبْدُ الذي يَتَعَدَّى عَلَى أَعْرَاضِ النَّاسِ: ﴿يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾.
فَيَا أَيُّهَا المُتَعَدِّي عَلَى أَعْرَاضِ النَّاسِ في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، اعْلَمْ بِأَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ، فَمَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ، أُنَاشِدُكَ اللهَ، أَقُولُ لَكَ: اتَّقِ اللهَ، وَإِلَّا فَاعْلَمْ أَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، جَزَاءً وِفَاقًا، مَا أَنْتَ قَائِلٌ لِرَبِّكَ إِذَا انْتَهَى أَجَلُكَ وَأَنْتَ تَتَعَدَّى عَلَى أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَعِنْدَمَا تَقَعَ في سِيَاقِ المَوْتِ يَسْتَحْضِرُكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.
يَا أَيُّهَا المُتَعَدِّي عَلَى أَعْرَاضِ النَّاسِ في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، مَا مَوْقِفُكَ لَو أَنَّ زَوْجَتَكَ أَو بَعْضَ مَحَارِمِكَ يَفْعَلُ فِعْلَكَ هَذَا مَعَ الآخَرِينَ؟
وَمَا هُوَ مَوْقِفُكَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْتَ الذي أَفْسَدْتَ المَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا، أَو جَعَلْتَ البِنْتَ تَسْلُكُ الطَّرِيقَ الحَرَامَ، لِتَقَعَ في خِيَانَةِ اللهِ تعالى، وَخِيَانَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخِيَانَةِ أُصُولِهَا؟
يَا أَيُّهَا المُتَعَدِّي عَلَى أَعْرَاضِ النَّاسِ في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّكَ سَلَكْتَ أَخْطَرَ طَرِيقٍ يُوصِلُكَ إلى ذُلٍّ في الدُّنْيَا وَذُلٍّ في الآخِرَةِ، أَلَا وَهُوَ طَرِيقُ الزِّنَا الذي حَرَّمَهُ اللهُ تعالى، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الوَسَائِلِ التي تُوصِلُ إِلَيْهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثُمَّ تَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
أَخِي الكَرِيمُ، اتَّقِ اللهَ، اتَّقِ اللهَ، اتَّقِ اللهَ ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |