﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾

10968 - ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾

22-02-2021 1925 مشاهدة
 السؤال :
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10968
 2021-02-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى في سُورَةِ سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾. يُشِيرُ إلى أَنَّهُ مَعَ كَثْرَةِ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينِ السَّاطِعَةِ التي تُوجِبُ الإِيمَانَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ.

هَذَهِ الآيَةُ كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.

جَاءَ في كُتُبِ التَّفْسِيرِ: سَأَلَتْ قُرَيْشٌ وَالْيَهُودُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ، فَنَزَلَتْ مَشْرُوحَةً شَرْحًا وَافِيًا، وَأَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِمْ، فَخَالَفُوا تَأْمِيلَهُ، فَعَزَّاهُ اللهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.

لَقَدْ كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَرِيصًا كُلَّ الحِرْصِ عَلَى هِدَايَةِ الجَمِيعِ، حَتَّى قَالَ اللهُ تعالى لَهُ: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالنُّفُوسُ عَلَى قِسْمَيْنِ، نُفُوسٍ تُؤْمِنُ بِالحَقِّ وَتُذْعِنُ لَهُ إِذَا جَاءَهَا دَلِيلُهُ، وَهِيَ التي خَلَصَتْ مِنْ أَدْرَانِ الفَسَادِ، وَمَطَامِعِ الشَّيْطَانِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾.

وَنُفُوسٍ تَعَلَّقَتْ بِالفَسَادِ، وَتَحَلَّتْ بِالعِنَادِ، وَاتَّبَعَتِ الأَهْوَاءَ وَالشَّهَوَاتِ، فَتَحَكَّمَ بِهَا الشَّيْطَانُ، وَهَذِهِ لَا تُؤْمِنُ، وَلَا يُقْنِعُهَا إِلَّا مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ؛ وَهَذَا الصِّنْفُ كَثِيرٌ في الخَلْقِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى؛ فَمَهْمَا كَانَ الإِنْسَانُ حَرِيصًا عَلَى أَصْحَابِهَا فَلَا يُؤْمِنُونَ؛ وَلَكِنْ مُهِمَّةُ الدَّاعِي تَبْلِيغُ رِسَالَةِ اللهِ تعالى، وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَلْقُ الهِدَايَةِ في قُلُوبِهِمْ.

وَهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ عَزَاءٌ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَتَسْلِيَةٌ لِفُؤَادِهِ إِذَا تَمَرَّدَ النَّاسُ عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ، وَهِيَ عَزَاءٌ لِكُلِّ دَاعٍ إلى الخَيْرِ مِنْ بَعْدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِكَيْلَا يَيْأَسَ دَاعٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

1925 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2025-05-07
 128
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَّا أَسْبَغَ عَلَيْهِ نِعَمًا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، حَتَّى وَلَو كَانَ كَافِرًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحًا فَكَيْفَ نَفْهَمُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الفَاتِحَةِ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؟ هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نَطْلُبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا طَرِيقَ الكُفَّارِ؟
رقم الفتوى : 13617
 السؤال :
 2024-08-01
 1121
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 534
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 750
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 498
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 670
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424676635
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :