الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ثَوْبَاً جَدِيدَاً فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي.
ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَاً جَدِيدَاً فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ فِي كَنَفِ اللهِ وَفِي حِفْظِ اللهِ، وَفِي سَتْرِ اللهِ حَيَّاً وَمَيِّتَاً».
فَالتَّصَدُّقُ بِالثِّيَابِ القَدِيمَةِ لَا حَرَجَ فِيهَا مَا دَامَتْ صَالِحَةً للاسْتِعْمَالِ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ في الصَّدَقَةِ أَنْ يَكُونَ المُتَصَدَّقُ بِهِ مِنْ أَجْوَدِ مَالِ المُتَصَدِّقِ وَأَحَبِّهِ إِلَيْهِ، قَالَ تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾.
وَيَقُولُ الإِمَامُ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَالْمَعْنَى لَنْ تَكُونُوا أَبْرَارَاً حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، أَيْ: نَفَائِسِ الأَمْوَالِ وَكَرَائِمِهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا حَرَجَ مِنَ التَّصَدُّقِ بِالثَّوْبِ القَدِيمِ بَعْدَ شِرَاءِ الثَّوْبِ الجَدِيدِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ صَالِحَاً للاسْتِعْمَالِ، بَلْ لَهُ في ذَلِكَ أَجْرٌ كَبِيرٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى، وَخَاصَّةً إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِلَّا الثَّوْبُ القَدِيمُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |