إصرار الزوجة على الغربة

10101 - إصرار الزوجة على الغربة

28-12-2019 1085 مشاهدة
 السؤال :
وَلَدِي مُتَزَوِّجٌ وَفي الظُّرُوفِ القَاهِرَةِ غَادَرَ البَلَدَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَشَعَرَ هُنَاكَ بِخُطُورَةِ الإِقَامَةِ في تِلْكَ البِلَادِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلى بَلْدَتِهِ، وَلَكِنَّ زَوْجَتَهُ تَرْفُضُ العَوْدَةَ، فَمَاذَا يَفْعَلُ مَعَ زَوْجَتِهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10101
 2019-12-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ مُتَابَعَتُهَا لَهُ في المَسْكَنِ، فَإِذَا كَانَ الحَقُّ جَلَّ جَلَالُهُ أَوْجَبَ عَلَى الزَّوْجِ تَأْمِينَ السَّكَنِ لِزَوْجَتِهِ، وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾. كَذَلِكَ أَوْجَبَ الحَقُّ تعالى عَلَى الزَّوْجَةِ أَنْ تُتَابِعَ زَوْجَهَا في المَسْكَنِ، وَهَذَا أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لَا غِنَى عَنْهُ لِاسْتِقَامَةِ الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، سِيَّمَا وَأَنَّ الزَّوْجَ مُكَلَّفٌ بِالإِنْفَاقِ عَلَى الأُسْرَةِ، وَأَنَّ الزَّوَاجَ يَقُومُ عَلَى رُكْنِ السَّكِينَةِ النَّفْسِيَّةِ بَيْنَ كُلِّ زَوْجٍ وَزَوْجَتِهِ.

ثانياً: جَعَلَ اللهُ تعالى الرَّجُلَ قَوَّامَاً عَلَى المَرْأَةِ، بِالأَمْرِ وَالتَّوْجِيهِ وَالرِّعَايَةِ، كَمَا يَقُومُ الوُلَاةُ عَلَى الرَّعِيَّةِ، بِمَا خَصَّ اللهُ تعالى بِهِ الرَّجُلَ مِنْ خَصَائِصَ جِسْمِيَّةٍ وَعَقْلِيَّةٍ، وَبِمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبَاتٍ مَالِيَّةٍ، قَالَ تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾.

فَالرَّجُلُ هُوَ السَّيِّدُ الذي يَجِبُ أَنْ يُطَاعَ في طَاعَةِ اللهِ تعالى، وَالمَرْأَةُ المُخَالِفَةُ لِأَمْرِ زَوْجِهَا في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ هِيَ امْرَأَةٌ نَاشِزَةٌ، وَلَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾. وَلَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ» رواه أبو داود عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ طَاعَةُ زَوْجِهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا مُتَابَعَتُهُ في السَّكَنِ، وَخَاصَّةً عِنْدَمَا يَشْعُرُ الزَّوْجُ بِخُطُورَةِ ضَيَاعِ الأَوْلَادِ عَقِيدَةً وَسُلُوكَاً وَأَخْلَاقَاً؛ فَإِنْ أَبَتْ فَهِيَ امْرَأَةٌ نَاشِزَةٌ، عَاصِيَةٌ لِأَمْرِ رَبِّهَا، وَرُبَّمَا يُؤَدِّي هَذَا الأَمْرُ إلى أَنْ يَلْعَنَهَا مَنْ في السَّمَاءِ، وَخَاصَّةً إِذَا غَضِبَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا.

وَمِنْ حَقِّ الزَّوْجِ أَنْ يَغْضَبَ للهِ تعالى إِذَا رَأَى الخَطَرَ يُدَاهِمُ أَبْنَاءَهُ الذينَ سَيُسْأَلُ عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، كَمَا سَيُسْأَلُ عَنْ زَوْجَتِهِ، أَلمْ يَقُلِ المَوْلَى عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارَاً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾؟

أَلَمْ يَقُلْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» وَعَدَّ مِنْهُمْ: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»؟ رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَيَجِبُ عَلَى المَرْأَةِ أَنْ تُسَارِعَ إلى امْتِثَالِ أَمْرِ زَوْجِهَا، وَأَنْ تَعُودَ إلى بِلَادِهَا، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ بِلَادِ الشَّامِ المُبَارَكَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

1085 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب عشرة النساء

 السؤال :
 2024-09-19
 74
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الغَيُورِ غَيْرَةً مُفْرِطَةً نَحْوَ زَوْجَتِهِ، وَيُحَاوِلُ أَنْ يَعْلَمَ مَعَ مَنْ تَتَكَلَّمُ؟ وَمَاذَا تَتَكَلَّمُ؟ وَيُفَتِّشُ جَوَّالَهَا؟
رقم الفتوى : 13333
 السؤال :
 2024-08-31
 154
مَا حُكْمُ الزَّوْجِ الذي يَذْهَبُ كُلَّ يَوْمٍ إلى بَيْتِ أُمِّهِ في وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَيَسْهَرُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَعُودُ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ؟
رقم الفتوى : 13307
 السؤال :
 2023-12-11
 162
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟
رقم الفتوى : 12847
 السؤال :
 2023-01-17
 1066
رَجُلٌ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْهُمْ وَهَاجِرٌ لَهُمْ، وَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، أَو يَأْخُذَهُمْ لِعِنْدِهِ، فَيَرْفُضُ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12360
 السؤال :
 2022-10-03
 2017
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَتَزَوَّجُ زَوْجَةً ثَانِيَةً، وَزَوَاجُهُ هَذَا دَمَّرَ البَيْتَ الأَوَّلَ؟
رقم الفتوى : 12219
 السؤال :
 2022-06-20
 2718
هَلْ يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُعَامِلَ زَوْجَهَا بِالمِثْلِ عِنْدَمَا يُسِيءُ إِلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 12030

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3193
المكتبة الصوتية 4860
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417760450
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :