توبة مُغنٍّ

11449 - توبة مُغنٍّ

29-08-2021 616 مشاهدة
 السؤال :
لَقَدْ كُنْتُ في حَالَةِ بُعْدٍ عَنِ اللهِ تعالى، وَكَانَ رَبِّي قَدْ أَكْرَمَنِي بِصَوْتٍ حَسَنٍ جَمِيلٍ، فَسَلَكْتُ طَرِيقَ الغِنَاءِ، وَللهِ الحَمْدُ أَكْرَمَنِي اللهُ بِصِدْقِ التَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ، فَهَلْ أَتَحَمَّلُ وِزْرَ مَنْ يَسْمَعُ غِنَائِي بَعْدَ تَوْبَتِي للهِ عَزَّ وَجَلَّ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11449
 2021-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَإِذَا أَرَادَ اللهُ تعالى بِعَبْدِهِ خَيْرًا وَفَّقَهُ للتَّوْبَةِ وَالإِنَابَةِ قَبْلَ نِهَايَةِ الأَجَلِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ وَاهٍ رَاقِعٌ، فَسَعِيدٌ مَنْ هَلَكَ عَلَى رَقْعِهِ».

فَالسَّعِيدُ مَنْ مَاتَ عَلَى تَوْبَةٍ صَادِقَةٍ مُحَقِّقًا شُرُوطَهَا، وَالحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ عَلَى مَنْ مَاتَ عَلَى مَعْصِيَةٍ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى. هذا أولًا.

ثانيًا: مَا مِنْ نِعْمَةٍ يُسْبِغُهَا اللهُ تعالى عَلَى عَبْدِهِ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا إِلَّا للاخْتِبَارِ وَالابْتِلَاءِ، كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾. وَنِعْمَةُ الصَّوْتِ الحَسَنِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ تعالى عَلَى عَبْدِهِ، فَالسَّعِيدُ مَنْ جَعَلَهَا في تِلَاوَةِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وَفي مَدْحِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَفي نُصْحِ الأٌمَّةِ مِنْ خِلَالِ إِنْشَادِهِ، لِأَنَّ الإِنْشَادَ إِرْشَادٌ.

وَالشَّقِيُّ مَنِ اسْتَغَلَّ نِعْمَةَ الصَّوْتِ الحَسَنِ في مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، وَفي تَحْرِيضِ الأُمَّةِ عَلَى الانْحِلَالِ الخُلُقِيِّ وَاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ ـ لَا قَدَّرَ تعالى ـ وَكُلُّ ذَلِكَ طَمَعًا بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ.

ثالثًا: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلِلَّهِ الحَمْدُ الذي فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ أَمَامَ جَمِيعِ العُصَاةِ قَبْلَ مَوْتِهِمْ، فَالسَّعِيدُ مَنْ وَلَجَ بَابَ التَّوْبَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾.

وَلَهُ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ أَنْ وَفَّقَكَ سُبْحَانَهُ وتعالى للتَّوْبَةِ، وَعَلَيْكَ أَنْ تَتَوَجَّهَ لِكُلِّ مَنْ كَانَ يَسْمَعُكَ بِالنَّصِيحَةِ، وَأَنْ تُبَيِّنَ لَهُمْ حُرْمَةَ سَمَاعِ الأَغَانِي المَصْحُوبَةِ بِالآلَاتِ المُوسِيقِيَّةِ، مَا اسْتَطَعْتَ إلى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَبِذَلِكَ تَبْرَأُ ذِمَّتُكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

616 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 769
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 141
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 507
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2682
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1156
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7209
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3154
المكتبة الصوتية 4763
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 411994101
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :