﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾

11771 - ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾

05-02-2022 952 مشاهدة
 السؤال :
مَا هُوَ المَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 11771
 2022-02-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَالَ تعالى حِكَايَةً عَنْ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾.

جَاءَ في التَّفْسِيرِ مِنْ سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي ذُرِّيَّتِكَ ظَالِمٌ.

وَجَاءَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. قَالَ: إِذَا كَانَ ظَالِمًا فَلَيْسَ بِإِمَامٍ يُقْتَدَى بِهِ.

وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

فَمَا ذُكِرَ في سُورَةِ الأَنْعَامِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ لَا شَكَّ في كَوْنِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَهَؤُلَاءِ اسْتَحَقُّوا العَهْدَ لِتَوَافُرِ الشَّرْطِ، وَهُوَ عَدَمُ الظُّلْمِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَسَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَأَلَ اللهَ تعالى لِذُرِّيَّتِهِ أَنْ يَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً صَالِحِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ، فَيَكُونُوا خَلَفًا لَهُ بِالإِمَامَةِ، لَا بِمُجَرَّدِ الانْتِسَابِ إِلَيْهِ، بَلْ لِعَمَلِهِمْ وَتَقْوَاهُمْ وَإِيمَانِهِمْ بِكَلِمَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَكِنَّ اللهَ تعالى العَلِيمَ الذي يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَيَعْلَمُ مَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا سَيَكُونُ، أَشَارَ إلى أَنَّهُ لَنْ تَكُونَ ذُرِّيَّتُهُ كُلُّهَا مِنَ الصَّالِحِينَ الذينَ يُؤْتَمُّ بِهِمْ، بَلْ سَيَكُونُ مِنْهَا الظَّالِمُونَ الذينَ يَظْلِمُونَ أَنْفُسَهُمْ وَغَيْرَهُمْ بِالمَعَاصِي التي يَرْتَكِبُونَهَا، وَبِالشَّرِّ الذي يَعْمَلُونَ بِهِ وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ، لِذَا قَالَ تعالى: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. أَيْ: إِنَّ ذُرِّيَّتَهُ سَيَكُونُ مِنْهَا مُحْسِنٌ، وَسَيَكُونُ مِنْهَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ، فَالمُحْسِنُونَ يَنَالُهُمْ عَهْدِي، وَيَكُونُ مِنْهُمْ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ.

وَأَمَّا الظَّالِمُونَ فَلَنْ يَنَالُوا إِمَامَةَ الدِّينِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تعالى: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

952 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 230
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1438
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 620
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1674
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1430
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 949
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414165330
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :