زوجها غيور

12144 - زوجها غيور

25-08-2022 348 مشاهدة
 السؤال :
امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ، وَلَمْ تَمْضِ سَنَةٌ عَلَى زَوَاجِهِمَا بَعْدُ، اكْتَشَفَتِ الزَّوْجَةُ أَنَّ زَوْجَهَا غَيُورٌ جِدًّا، وَلَا يَأْذَنُ لَهَا بِزِيَارَةِ أَهْلِهَا إِلَّا قَلِيلًا، فَهَلْ تَطْلُبُ الطَّلَاقَ مِنْهُ، أَمْ تَصْبِرُ عَلَى غَيْرَتِهِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12144
 2022-08-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. وَمِنَ المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ حُسْنُ المُعَامَلَةِ، وَحُسْنُ الخُلُقِ، كَمَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في تَفْسِيرِهِ: أَيْ: طَيِّبُوا أَقْوَالَكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالَكُمْ وَهَيْئَاتِكُمْ بِحَسَبِ قُدْرَتِكُمْ، كَمَا تُحِبُّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْلَهُ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: غَيْرَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ مِنَ الصِّفَاتِ المَحْمُودَةِ وَالمَطْلُوبَةِ شَرْعًا، وَقَدْ أَكَّدَ عَلَيْهَا الشَّرْعُ، وَحَثَّ عَلَيْهَا، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ عَنْهُ.

فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ، مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ».

وَالمَطْلُوبُ مِنَ الزَّوْجِ أَنْ تَكُونَ غَيْرَتُهُ مُعْتَدِلَةً، فَلَا يُبَالِغُ بِهَا حَتَّى يَصِلَ إلى سُوءِ الظَّنِّ بِأَهْلِهِ، أَو يُسْرِفَ في تَقَصِّي كُلِّ حَرَكَاتِهَا وَسَكَنَاتِهَا، وَتَتَبُّعِ أَقْوَالِهَا، وَيَغُوصَ في مَعَانِيهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ العَلَاقَةَ الزَّوْجِيَّةَ وَيَكُونُ مَدْخَلًا للشَّيْطَانِ لِإِفْسَادِ الوُدِّ وَالرَّحْمَةِ وَالمَحَبَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

رَوَى النَّسَائِيُّ عنِ ابْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ: مَا يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنَ الْخُيَلَاءِ: مَا يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ، وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ، عِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يَبْغُضُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْخُيَلَاءُ فِي الْبَاطِلِ».

وَقَالَ سُلَيْمَانُ لِابْنِهِ: لَا تُكْثِرِ الْغَيْرَةَ عَلَى أَهْلِكَ، وَلَمْ تَرَ مِنْهَا سُوءًا فَتُرْمَى بِالشَّرِّ مِنْ أَجْلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ بَرِيئَةً. رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ في حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنَّ غَيْرَةَ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنَ اخْتِلَاطِهَا بِالرِّجَالِ الأَجَانِبِ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، أَمَّا غَيْرَتُهُ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ فَلَيْسَتْ جَائِزَةً، لِأَنَّهَا مِنْ سُوءِ الظَّنِّ، وَقَدْ نَهَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ سُوءِ الظَّنِّ، فَقَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تَحَقَّقْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

فَالغَيْرَةُ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ، بَلْ بِمُجَرَّدِ سُوءِ الظَّنِّ، تُفْسِدُ المَوَدَّةَ وَالرَّحْمَةَ التي جَعَلَهَا اللهُ تعالى في قَلْبِ الزَّوْجَيْنِ، وَتُوقِعُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بِسَبَبِ تَدَخُّلِ الشَّيْطَانِ في مِثْلِ هَذِهِ الغَيْرَةِ.

وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْذَنَ لِزَوْجَتِهِ بِزِيَارَةِ أَهْلِهَا، لِأَنَّ زِيَارَتَهَا لَهُمْ أَمْرٌ أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهَا، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾؟

وَصَبْرُ المَرْأَةِ في هَذِهِ الحَالَةِ خَيْرٌ لَهَا مِنْ طَلَاقِهَا، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا؛ وَعَلَيْهَا أَنْ تُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهَا وَلِزَوْجِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.

 

348 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 327
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 580
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 229
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 241
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 240
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 295
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424573117
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :