الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقول الله تعالى في سورة الأنبياء: {لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِين * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُون}. جاء ردّاً على من كَذَبَ على الله تعالى بأن له زوجة وولداً، فاللهو هو المرأة بلغة اليمن، قاله قتادة.
وسأل عقبة بن أبي جسرة عن اللهو في هذه الآية فقال: اللهو الزوجة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: اللهو الولد.
وقيل هو ردٌّ كذلك على من قال: إن الأصنام بنات الله، وردٌّ على من قال عيسى ابن الله وعُزَير ابن الله.
لذلك قال تعالى: {لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِين * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُون}. أي إن كنّا فاعلين ذلك، ولكن لسنا بفاعلين ذلك لاستحالة أن يكون لنا زوجة أو ولد.
فتعالى الله عن وجود صاحبة وولد وصدق إذ يقول: {قُلْ هُوَ الله أَحَد * الله الصَّمَد * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد}. وتعالى الله أن يَخلق عبثاً ولعباً، بل ما خَلق شيئاً إلا بالحق، وسيجازي المحسن إحساناً والمسيء خسراناً.
أما قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُون}. هكذا تكون الحياة الدنيا لمن يقف عند وصفها أنها حياةٌ دنيا، لا تزيد عن كونها لهواً ولعباً.
فاللهو بهذه الآية الكريمة هو الانصراف إلى عمل لا هدف له ولا فائدة منه، وإذا نظرنا إلى الدنيا مجرَّدة عن الكتاب والسنة والمنهج الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي لهو ولعب، أما الذي يلتزم شرع الله تعالى ومنهج نبيه صلى الله عليه وسلم فإنه يسمو فوق اللهو اللعب، وتصبح الحياة الدنيا مزرعة لآخرته، فتكون عندها نعمة الحياة له ولأمثاله. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |