الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن عقدَ الزواج، والزواجَ جائز شرعاً في كل الأيام والأشهر، ولا حرج في إجراء عقد الزواج قبل رمضان أو بعده، وقبل عيد الأضحى، وكذلك الزواج.
ولكن الناس يتحرَّجون من الزواج قبل شهر رمضان بقليل خشية الفطر في نهار رمضان، وهذا من باب الاحتياط، لأن الزوجين قد لا يملكان نفسيهما في نهار رمضان، أما من كان يملك نفسه فلا حرج في زواجه قبل رمضان أو في رمضان، فضلاً عن أن يكون بين عيد الفطر والأضحى.
أما عقد الزواج بالنسبة للمُحرِم بحجٍّ أو عمرة، فقد ذكر الفقهاء بأن من شروط صحة عقد الزواج ألَّا يكون أحد الزوجين أو الولي مُحرِماً بحج أو عمرة، وهذا عند الشافعية والمالكية والحنابلة، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلا يُنْكَحُ وَلا يَخْطُبُ) رواه مسلم عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضيَ اللَّه عنهُ. أي لنفسه أو لغيره. فهذا نهيٌ صريح للمحرم بحجٍّ أو عمرة أن يتزوَّج أو يزوِّج غيره، والنهي يدلُّ على فساد المنهي عنه، ولأن الإحرام انقطاع للعبادة، والزواج سبيل إلى المتعة فيتنافى مع الإحرام، فيمنع أثناءه.
وذهب الحنفية إلى صحة عقد الزواج أثناء الإحرام، سواء أكان المحرِم هو الزوج أم الزوجة أم الولي، أي يجوز نكاح المُحرم وإنكاحه، ولكن لا يدخل بها حتى يتحلَّل، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث وهو مُحرِم، وقالوا: إذا كانت حُرمة الصيام لا تمنع عقد النكاح فكذلك حرمة الإحرام لا تمنع عقد النكاح أيضاً.
والأحوط الأخذ بقول جمهور الفقهاء. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |