محظورات نكاح النصرانية

4090 - محظورات نكاح النصرانية

19-07-2011 749 مشاهدة
 السؤال :
تعرفت على فتاة نصرانية، وأحببتها، وأريد الزواج منها، فهل هناك محظور شرعي من الزواج منها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4090
 2011-07-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: العَلَاقَاتُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ، إِذَا كَانَتْ للتَّعَارُفِ وَالصَّدَاقَاتِ، لَا تَجُوزُ شَرْعًا، وَهِيَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، وَفِيهَا إِثْمٌ وَمَعْصِيَةٌ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ خَلْوَةٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

ثانيًا: الزَّوَاجُ مِنَ الكِتَابِيَّاتِ جَائِزٌ شَرْعًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾.

أَمَّا نِكَاحُ المُشْرِكَةِ التي لَا تَدِينُ بِدِينٍ سَمَاوِيٍّ فَلَا يَجُوزُ شَرْعًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾.

ثالثًا: لَقَدْ رَغَّبَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في اخْتِيَارِ المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، صَاحِبَةِ الدِّينِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَالمَرْأَةُ المُسْلِمَةُ صَاحِبَةُ الدِّينِ وَالخُلُقِ هِيَ التي تُعِينُ الزَّوْجَ عَلَى غَضِّ البَصَرِ، وَتَقُومُ بِالوَاجِبِ الذي عَلَيْهَا نَحْوَ زَوْجِهَا، وَنَحْوَ أَوْلَادِهَا في المُسْتَقْبَلِ، لِهَذَا رَغَّبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في اخْتِيَارِ المَرْأَةِ الصَّالِحَةِ التي تَكُونُ مَزْرَعَةً لِأَبْنَائِهَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ» رواه ابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

أولًا: مَا فَعَلْتَهُ مِنَ التَّعَرُّفِ عَلَى المَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ ـ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَمْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ ـ لَا يَجُوزُ شَرْعًا، وَعَلَيْكَ بِالاسْتِغْفَارِ، وَتَذَكَّرْ قَوْلَهُ تعالى: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾.

ثانيًا: لَيْسَ هُنَاكَ مَحْظُورٌ شَرْعِيٌّ في نِكَاحِ المَرْأَةِ الكِتَابِيَّةِ، وَلَكِنْ قَدْ تُوجَدُ المَحْظُورَاتُ التَّالِيَةُ:

1ـ أَنْ تُوَافِقَهَا عَلَى وَضْعِ الصَّلِيبِ، وَالذَّهَابِ إلى الكَنِيسَةِ، وَهَذِهِ طَامَّةٌ كُبْرَى.

2ـ لَا تَضْمَنُ تَرْبِيَةَ أَوْلَادِكَ تَرْبِيَةً إِسْلَامِيَّةً، لِأَنَّ فَاقِدَ الشَّيْءِ لَا يُعْطِيهِ، وَالمَرْأَةُ لَهَا دَوْرٌ كَبِيرٌ في التَّأْثِيرِ عَلَى الأَوْلَادِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ.

3ـ لَا تَضْمَنُ طَهَارَتَهَا مِنَ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَرُبَّمَا أَنْ لَا تُصَرِّحَ لَكَ أَنَّهَا في عَادَتِهَا الشَّهْرِيَّةِ، وَتُوقِعَكَ في إِثْمِ المُعَاشَرَةِ.

4ـ لَا تَضْمَنُ أَنَّهَا تَتَحَجَّبُ، وَقَدْ تَخْرُجُ سَافِرَةً مُتَبَرِّجَةً تَعِيثُ في الأَرْضِ فَسَادًا مِنْ حَيْثُ تَقْصِدُ أَو لَا تَقْصِدُ، وَقَدْ تَخْتَلِطُ مَعَ الرِّجَالِ، وَتُصَافِحُهُمْ، وَتَتَعَامَلُ بِالرِّبَا، وَتَشْرَبُ الخَمْرَ...

5ـ في هَذَا النِّكَاحِ خُطُورَةٌ عَلَى الأَوْلَادِ خَاصَّةً في الدُّوَلِ الغَرْبِيَّةِ، بِحَيْثُ تُلْزِمُ تِلْكَ الدُّوَلُ الزَّوْجَ المُطَلِّقَ بِالتَّخَلِّي عَنِ الأَوْلَادِ وَضَمِّهِمْ إلى الزَّوْجَةِ، وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الكِتَابِيَّةَ، وَضَمَّتْ إِلَيْهَا أَوْلَادَهَا الصِّغَارَ وَتَنَصَّرُوا جَمِيعًا، وَالقِصَصُ في ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ:

زَوَاجُ الـنَّصَــارَى قُــبْحُــهُ مُــتَزَايِدٌ   ***   يُؤَدِّي إلى كُــفْرِ الـبَنِينَ مُـؤَكَّدَا

وَمَنْ يَرْضَ كُـفْرَ ابْـنٍ لَـهُ فَـهُوَ كَــافِرٌ   ***   وَإِنْ زَعَمَ الإِسْلَامَ قَوْلًا مُـفَنَّدَا

وَقَـدْ يَكْـفُرُ الــزَّوْجُ اتِّـبَاعًا لِـزَوْجِـهِ   ***   فَـيَدْخُلُ في نَـارِ الجَحِيمِ مُخَـلَّدَا

عَلَـيْكَ بِـذَاتِ الـدِّينِ إِنْ كُـنْتَ رَاغِبًا  ***   زَوَاجًا صَحِيحًا تَبْدُ فِيهِ مُـسَدَّدَا

وَذَرْ عَنْكَ أَهْلَ الكُفْرِ وَاحْذَرْ زَوَاجَهُمُ  ***   فَشَرُّهُمُوا يَبْدُو كَـثِيرًا مُــــنَدَّدَا

وَأَوْلَادُ هَذَا الــعِقْدِ لَـيْسُوا لِـرُشْــدَةٍ   ***   فَيَكْثُرُ جِيلُ الخُبْثِ فَرْعًا وَمَحتِدَا

هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
749 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في النكاح

 السؤال :
 2023-02-21
 308
وَلَدِي مُقِيمٌ في أَلْمَانْيَا، وَيُرِيدُ الزَّوَاجَ مِنِ امْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ بِنِيَّةِ أَخْذِ الجِنْسِيَّةِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، فَهَلْ هَذَا جَائِزٌ شَرْعًا؟
 السؤال :
 2022-06-20
 827
وَلَدِي مُقِيمٌ في إِحْدَى الدُّوَلِ الأَوْرُبِّيَّةِ، وَيُرِيدُ الزَّوَاجِ بِامْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ أَحَبَّهَا، وَشَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ عَقْدَ زَوَاجِهِ في الكَنِيسَةِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ العَقْدُ صَحِيحًا؟
 السؤال :
 2022-02-17
 292
هَلْ يَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يُلْزِمَ ابْنَتَهُ بِالزَّوَاجِ مِنْ بَعْضِ أَقَارِبِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا خَاطِبٌ، وَهِيَ لَا تَرْغَبُ بِقَرِيبِ أَبِيهَا؟
 السؤال :
 2021-08-29
 832
تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِن امْرَأَةٍ، وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ لَهَا رَائِحَةَ فَمٍ كَرِيهَةً، وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ المَهْرَ؟
 السؤال :
 2021-04-08
 1044
أُرِيدُ الزَّوَاجَ ثَانِيَةً، فَهَلْ يُشْتَرَطُ رِضَا وَمُوافَقَةُ الزَّوْجَةِ الأُولَى؟
 السؤال :
 2021-03-05
 1083
تَمَّ إِجْرَاءُ عَقْدِ زَوَاجِي عَلَى امْرَأَةٍ أَمَامَ رَجُلَيْنِ ضَرِيرَيْنِ، لَا أَعْرِفُهُمَا، وَلَا يَعْرِفُونَنِي، وَالذي أَجْرَى العَقْدَ كَذَلِكَ ضَرِيرٌ، فَهَلْ هَذَا العَقْدُ صَحِيحٌ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414263682
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :