الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالجبال هي رواسي الأرض، كما قال تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ}، فالجبال تثبت الأرض كيلا تميد.
وربُّنا عزَّ وجل عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال، كما قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ}، وخصَّ ربُّنا عزَّ وجل الجبال بالذكر مع الأرض، وهي جزء منها، من باب عطف الخاص على العام، وله نظائر في القرآن الكريم.
منها قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِين}، فذكر الصلاة الوسطى، وهي مشمولة في الصلوات، لأهميَّتها وعظم شأنها.
ومنها قوله تعالى: {مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِين}، فخصَّ سيدنا جبريل عليه السلام بالذكر، مع أنه من الملائكة، ليدلَّ على رفعته ومكانته عند الله تعالى.
ومنها قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّان}، فخصَّ النخل والرمان بالذكر، مع أنها من الفاكهة، لعظم الفوائد فيها، والله تعالى أعلم.
وبناء على ذلك:
فخصَّ الجبال بالذكر مع الأرض، مع أنها جزء من الأرض، لأنها أعظم مخلوقات الأرض، وهي رواسٍ لها. هذا أولاً.
ثانياً: عندما كانت الجبال رواسيَ للأرض، كذلك تحمُّل الأمانة تثبيت للمؤمن على الصراط يوم القيامة، بل هي أرسى من الجبال. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |