الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَولُهُ تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز﴾. وقَولُهُ تعالى: ﴿وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأرضُ﴾.
الفَسادُ على نَوعَينِ: فَسادٌ في الدُّنيا، وهذا يُعَوَّضُ ويُستَدرَكُ، وفَسادٌ في الدِّينِ، وهذا طامَّةٌ كُبرى والعِياذُ بالله تعالى.
فاللهُ تعالى جَعَلَ النَّاسَ يَدفَعُ بَعضُهُم بَعضاً، ولولا هذا التَّدافُعُ لَفَسَدَتِ الأرضُ، وهذهِ الآيَةُ جاءَت عامَّةً لِكُلِّ النَّاسِ، فلم يَخُصَّ طائِفَةً دونَ أُخرى، وكذلكَ كَلِمَةُ (بَعض) عامَّةً لِتَدُلَّ على أنَّ كِلا الطَّرَفَينِ صالِحٌ أن يَكونَ مَدفوعاً مَرَّةً، ومَدفوعاً عنهُ مَرَّةً أُخرى، فهُم لِبَعَضِهِمُ البَعضِ بالمِرصادِ، فمن أفسَدَ تَصَدَّى لهُ الآخَرُ لِيُوقِفَهُ عِندَ حَدِّهِ.
ومن رَحمَةِ الله تعالى بالمؤمِنينَ أن يَكيدَ الظَّالِمينَ بالظَّالِمينَ، ويُؤَدِّبَ الظَّالِمَ بمن هوَ أشَدُّ منهُ ظُلماً، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |