هل الزاني خالد في النار؟

6518 - هل الزاني خالد في النار؟

22-09-2014 58372 مشاهدة
 السؤال :
من خلال قوله تعالى: {وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً}. هل يكون الزاني من الخالدين في النار يوم القيامة، إذا مات وهو مصر على المعصية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6518
 2014-09-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد ذَكَرَ العُلَمَاءُ بأنَّ المَعصِيَةَ على نَوعَينِ، مَعصِيَةِ اعتِقَادٍ، ومَعصِيَةِ سُلُوكٍ، فمن كَانَت مَعصِيَتُهُ مَعصِيَةَ اعتِقَادٍ، وذلكَ بِتَحلِيلِ ما حَرَّمَ اللهُ تعالى، أو تَحرِيمِ ما أَحَلَّ اللهُ تعالى، فهذا على خَطَرٍ عَظِيمٍ، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ باللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً﴾.

أمَّا إن كَانَت مَعصِيَتُهُ مَعصِيَةَ سُلُوكٍ، مَعَ الاعتِقَادِ بأنَّهُ عَاصٍ للهِ تعالى في فِعلِ هذهِ المَعصِيَةِ، فهذا أَمرُهُ مُعَلَّقٌ على المَشِيئَةِ، إنْ شَاءَ اللهُ تعالى عَفَا، وإنْ شَاءَ عَذَّبَ، وهوَ إلى الرَّحمَةِ أَقرَبُ إن شَاءَ اللهُ تعالى، يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ واللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. هذا أولاً.

ثانياً: أمَّا بالنِّسبَةِ للزَّانِي، فإنْ تَابَ إلى اللهِ تعالى فاللهُ تعالى يَقبَلُ تَوبَتَهُ، سَوَاءٌ كَانَت مَعصِيَتُهُ اعتَقَادَاً أو سُلُوكَاً، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَاباً﴾.

أمَّا إذا لم يَتُبْ إلى اللهِ تعالى من هذهِ المَعصِيَةِ، وكَانَت مَعصِيَتُهُ مَعصِيَةَ اعتِقَادٍ ـ والعِيَاذُ باللهِ تعالى ـ فهوَ على خَطَرٍ عَظِيمٍ، وقد يَكُونُ مُندَرِجَاً تَحتَ قَولِهِ تعالى: ﴿يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾.

أمَّا إذا كَانَت مَعصِيَةُ الزِّنَى مَعصِيَةَ سُلُوكٍ، ولم يَتُبْ إلى اللهِ تعالى مِنهَا قَبلَ مَوتِهِ، مَعَ اعتِقَادِهِ بأَنَّهَا مَعصِيَةٌ، فهذا أَمرُهُ إلى اللهِ تعالى، إنْ شَاءَ عَفَا عَنهُ، وإنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، ولكِنَّهُ لَيسَ من الخَالِدِينَ في نَارِ جَهَنَّمَ.

وحَمَلَ الفُقَهَاءُ والمُفَسِّرُونَ قَولَهُ تعالى: ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً﴾. على من استَحَلَّ هذهِ الكَبِيرَةَ، لا على من فَعَلَهَا وهوَ يَعتَقِدُ أَنَّهَا مَعصِيَةٌ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
58372 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 302
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1465
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 663
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1728
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1455
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 983
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414908689
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :