الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ ابنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ في هذهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: من عَمِلَ سَيِّئَةً كُتِبَتْ عَلَيهِ سَيِّئَةً، ومن عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ؛ فَإِنْ عُوقِبَ بالسَّيِّئَةِ التي كَانَ عَمِلَهَا في الدُّنيَا بَقِيَت لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ لَم يُعَاقَبْ بِهَا في الدُّنيَا أُخِذَ من الحَسَنَاتِ العَشْرِ وَاحِدَةٌ وَبَقِيَت لَهُ تِسْعُ حَسَنَاتٍ.
ثمَّ يَقُولُ: هَلَكَ مَن غَلَبَ آحَادُهُ أَعشَارَهُ. اهـ.
فَمِن فَضْلِ اللهِ عزَّ وجلَّ على عِبَادِهِ أَنَّهُ لا يَبْخَسُ النَّاسَ شَيئَاً، وكَيفَ يَبْخَسُ خَلْقَهُ شَيئَاً وهوَ القَائِلُ: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾؟
فَمِن تَمَامِ فَضْلِهِ تعالى أَنَّهُ رَتَّبَ على الفَضْلِ جَزَاءً، مَعَ أنَّ الفَضْلَ مِنهُ ابتِدَاءً، فَقَالَ تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. هذا في الدُّنيَا، ثمَّ في الآخِرَةِ: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾.
وبناء على ذلك:
فاللهُ تعالى يُثِيبُ كُلَّ طَائِعٍ على طَاعَتِهِ يَومَ القِيَامَةِ، وخَاصَّةً كُلَّ صَاحِبِ فَضْلٍ، وذلكَ عِندَمَا يَتَفَضَّلُ بِفَضْلِ مَالِهِ، أو قُوَّتِهِ، أو مَعْرُوفِهِ على غَيرِهِ مُحْتَسِبَاً وَجْهَ اللهِ تعالى.
روى الإمام البخاري عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ». هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |