الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: إِبْلِيسُ لَيْسَ من المَلائِكَةِ الكِرَامِ، وكَانَ لَهُ الاخْتِيَارُ كَمَا للبَشَرِ اخْتِيَارٌ ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرَاً وَإِمَّا كَفُورَاً﴾.
بَلْ هُوَ من عَالَمِ الجِنِّ، قَالَ تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾.
وَعَالَمُ الجِنِّ فِيهِ المُؤْمِنُ والكَافِرُ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنَاً عَجَبَاً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدَاً﴾. ثمَّ قَالَ: ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسَاً وَلَا رَهَقَاً * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدَاً * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبَاً﴾.
ويَقُولُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَا كَانَ إِبْلِيسُ من المَلَائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ، وَإِنَّهُ لَأَصْلُ الجِنِّ، كَمَا أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَصْلُ البَشَرِ.
ثانياً: مَا ثَبَتَ في الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ولا الآثَارِ الصَّحِيحَةِ بِأَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ رَئِيسَاً على المَلائِكَةِ أَو يُسَمَّى بِطَاوُوسِ المَلائِكَةِ، ومَا وَرَدَ في ذلكَ هُوَ من الإِسْرَائِيلِيَّاتِ.
وبناء على ذلك:
فَإِبْلِيسُ مَا كَانَ من المَلائِكَةِ، فَضْلاً عَن أَنْ يَكُونَ رَئِيسَاً عَلَيْهِم، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ سُمِّيَ بِطَاوُوسِ المَلائِكَةِ. هذا، واللهُ تعالى أعلم.