الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإني قبل الجواب أقول لك: يا أخي الكريم علينا أن نراجع الحسابات بيننا وبين أنفسنا، ونتذكر قول الله تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}. فإذا لم نجد الحياة طيبة، فلنراجع الحساب، فإما الخلل في عملنا، وإما الخلل لا قدر الله في إيماننا، لأنا على يقين بأن وعد الله لا يخلف. فحياة الشقاء والضنك بسبب الإعراض عن ذكر الله، وكلما زاد الإعراض زادت حياة الشقاء والضنك، وذلك لقوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}. هذا أولاً.
ثانياً: أما بالنسبة لأيمان الطلاق:
1ـ الطلاق الأول واقع، عندما قلت لزوجتك: (علي الطلاق ما أنا مسافر إلى بيروت) وسافرت، لأنه علقت طلاقها على عدم السفر، فعندما سافرت وقع الطلاق، ولا علاقة للنية في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهنَّ جد وهزلهنَّ جد: النكاح والطلاق والعتاق).
2 ـ الطلاق الثاني كذلك واقع عندما قلت لزوجتك: (هل تريدين الطلاق؟) فقالت: نعم طلقني. فقلت لها: ما دام أنك تريدين الطلاق فروحي أنت طالق. وهذا طلاق منجز، فوقع عليها الطلاق.
3ـ الطلاق الثالث كذلك واقع، عندما قلت لزوجتك: طالق طالق طالق، وهذا طلاق صريح، فهو واقع قصدت الطلاق أو لم تقصد، نويت أو لم تنو. للحديث المتقدم ذكره.
4- أما الطلاق الرابع فهو في غير محله، لأن هذه المرأة ليست زوجة لك، لأنه في المرة الثالثة بانت منك زوجتك بينونة كبرى فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، وذلك لقول الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. وأما قول من قال لك: بأن طلاق الغضبان لا يقع، هذا صحيح، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) رواه ابن ماجه. ولكن الغضبان الذي لا يقع طلاقه هو من فقد رشده فلم يعِ ما يقول، وخرج عن طوره وصار كالمجنون. فإذا كان طلاق الرجل لامرأته بهذا الشكل فإن طلاقه لا يقع. ولكن أظن أنك لست كذلك، لأن الأيمان التي حلفتها عليها كانت من خلال محاكمة عقلية عندك ومن خلال مناقشته بينك وبين زوجتك، وكانت الأيمان مجازاةً لها على مواقفها. وبناء على ذلك: فإن زوجتك بانت منك بينونة كبرى، فلا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، وعليك أن تدفع لها المهر كاملاً إن لم يكن مقبوضاً، وأن تدفع لها نفقة العدة. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا الطاعة وحسن الخلق، ويجنبنا المعصية وسوء الخلق. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |