فضيحة المريد عن طريق الكشف

7278 - فضيحة المريد عن طريق الكشف

20-04-2016 3286 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز للشيخ أن يفضح تلميذاً عنده، بسبب فعل معصية عرفها شيخه عن طريق الكشف، وَقَصْدُ الشيخ تربية هذا التلميذ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7278
 2016-04-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: صُحْبَةُ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ وَالمُرْشِدِينَ، وَالعُلَمَاءِ العَامِلِينَ مَطْلُوبَةٌ شَرْعَاً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.

وَصِفَاتُ هَؤُلَاءِ العُلَمَاءِ المُرْشِدِينَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه أبو يعلى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَيُّ جُلَسَائِنَا خَيْرٌ؟

قَالَ: «مَنْ ذَكَّرَكُمُ اللهَ رُؤْيَتُهُ، وَزَادَ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُمْ بِالآخِرَةِ عَمَلُهُ».

ثانياً: العَالِمُ المُرَبِّي هُوَ العَالِمُ العَامِلُ، وَمِنْ صِفَاتِ العَالِمِ العَامِلِ السَّتْرُ على أَهْلِ المَعَاصِي بَعْدَ النُّصْحِ لَهُم إِذَا رَأَى مِنْهمْ مُنْكَرَاً بِعَيْنِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الآخَرِينَ حَسْبَ ظَوَاهِرِهِم، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. (مَعْنَاهُ: إِنِّي أُمِرْت بِالْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، واللهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِر). كَذَا في شَرْحِ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ على مُسْلِمٍ.

وَلِلْقَاعِدَةِ المَعْمُولِ بِهَا عِنْدَ جَمِيعِ العُلَمَاءِ: لَنَا الظَّاهِرُ، وَاللهُ تعالى يَتَوَلَّى السَّرَائِرُ.

ثالثاً: التَّشْهِيرُ بِالنَّاسِ حَرَامٌ شَرْعَاً، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَالتَّشْهِيرُ بِالإِنْسَانِ حَرَامٌ شَرْعَاً، لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ الغِيبَةِ التي نَهَى اللهُ تعالى عَنْهَا بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوهُ﴾.

وبناء على ذلك:

فَالشَّيْخُ المُرَبِّي إِذَا كَانَ عَالِمَاً رَبَّانِيَّاً، وَمُرْشِدَاً كَامِلَاً، لا يَفْضَحُ أَحَدَاً مِنْ تَلَامِيذِهِ أَو مِنْ غَيْرِهِم، لِأَنَّ الفَضِيحَةَ تَكُونُ عَوْنَاً للشَّيْطَانِ على هَذَا التِّلْمِيذِ أَو غَيْرِهِ إِذَا كَانَ عَاصِيَاً، وَهِيَ حَرَامٌ شَرْعَاً، وَالشَّرْعُ أَمَرَ بِالسَّتْرِ لَا بِالفَضِيحَةِ.

وَالشَّيْخُ المُرَبِّي الحَقِيقِيُّ هُوَ مَنْ يَتَعَامَلُ مَعَ الآخَرِينَ مِنْ خِلَالِ ظَوَاهِرِهِمْ، وَإِذَا أَطْلَعَهُ اللهُ تعالى عَنْ طَرِيقِ الكَشْفِ عَنْ بَعْضِ المُخَالَفَاتِ التي يَقَعُ فِيهَا بَعْضُ تَلَامِيذِهِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ وَيَنْصَحَهُ سِرَّاً، لِأَنَّ اللهَ تعالى سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ.

وَتَرْبِيَةُ التِّلْمِيذِ لَا تَكُونُ بِالفَضِيحَةِ، بَلْ بِالنَّصِيحَةِ، وَالنَّصِيحَةُ لَهَا شُرُوطٌ كَمَا ذَكَرَهَا العُلَمَاءُ الرَّبَّانِيُّونَ المُرَبُّونَ، أَنْ تَكُونَ سِرَّاً، وَأَنْ تَكُونَ بِلُطْفٍ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْلَاءٍ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3286 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 343
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 593
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 235
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 252
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 243
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 302
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424669765
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :