الصلاة النارية

7739 - الصلاة النارية

09-12-2016 3578 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن الصلاة النارية صلاة مليئة بالشرك والكفر؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7739
 2016-12-09

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالصَّلَاةُ النَّارِيَّةِ هِيَ صِيغَةُ مِنْ صِيَغِ الصَّلَاةِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَهَا بَعْضُ الصَّالِحِينَ، وَهِيَ: اللَّهُمَّ صَلِّ صَلَاةً كَامِلَةً، وَسَلِّمْ سَلَامَاً تَامَّاً، على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، الذي تَنْحَلُّ بِهِ العُقَدُ، وَتَتْفَرِجُ بِهِ الكُرَبُ، وَتُقْضَى بِهِ الحَوَائِجُ، وَتُنَالُ بِهِ الرَّغَائِبُ، وَحُسْنُ الخَوَاتِيمِ، وَيُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ في كُلِّ لَمْحَةٍ وَنَفَسٍ بِعَدَدِ كُلِّ مَعْلُومٍ لَكَ.

هَذِهِ الصَّلَاةُ لَا إِشْكَالَ فِيهَا، فَقَوْلُهُ: صَلِّ صَلَاةً كَامِلَةً، وَسَلِّمْ سَلَامَاً تَامَّاً؛ لَيْسَ فِيهِ مَفْهُومُ المُخَالَفَةِ، يَعْنِي: أَنَّ هُنَاكَ صَلَاةً نَاقِصَةً، وَسَلَامَاً نَاقِصَاً، وَهَذَا مَعْلُومٌ عِنْدَ العُلَمَاءِ وَالفُقَهَاءِ، وفي القُرْآنِ العَظِيمِ لَهُ شَوَاهِدُ يَعْرِفُهَا العُلَمَاءُ؛ هَذَا أَوَّلَاً.

ثانياً: روى الترمذي عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللهَ، اذْكُرُوا اللهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ».

قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟

فَقَالَ: «مَا شِئْتَ».

قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

قُلْتُ: النِّصْفَ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟

قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا.

قَالَ: «إِذَاً تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ».

فَسَيِّدُنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؛ بَعْدَمَا أَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ».

فَكَانَتْ نَتِيجَةُ هَذَا الأَمْرِ، مَا قَالَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَاً تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ».

وفي رِوَايَةٍ للبيهقي: «إِذَاً يَكْفِيكَ اللهُ أَمْرَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ». يَعْنِي بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُكْفَى العَبْدُ هُمُومَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

وَوَجْهُ كِفَايَةِ هُمُومِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِصَرْفِ ذَلِكَ الزَّمَنِ إلى الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ على امْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تعالى، وَذِكْرِهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَتَعْظِيمِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وقد روى البيهقي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ: مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ».

وبناء على ذلك:

فَإِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَبَاً في كِفَايَةِ الهَمِّ، إِنْ كَانَ دُنْيَوِيَّاً وَإِنْ كَانَ أُخْرَوِيَّاً، فَأَيْنَ يَكْمُنُ الشِّرْكُ في الصَّلَاةِ النَّارِيَّةِ؟

إِذَا كَانَتْ في حَيَاةِ الإِنْسَانِ عُقَدٌ لَا تُحَلُّ، أَلَا تَجْعَلُ في صَدْرِهِ هَمَّاً؟ وَبِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُكْفَى الهَمُّ.

إِذَا كَانَتْ في حَيَاةِ الإِنْسَانِ كُرَبٌ ضَاقَ صَدْرُهُ مِنْهَا، أَلَا تَجْعَلُ في صَدْرِهِ هَمَّاً؟

إِذَا كَانَتْ في حَيَاةِ الإِنْسَانِ حَوَائِجُ لَا تُقْضَى، أَلَا تَجْعَلُ في صَدْرِهِ هَمَّاً؟

إِذَا كَانَتْ في حَيَاةِ الإِنْسَانِ رَغَائِبُ مَشْرُوعَةٌ لَا يَسْتَطِيعُ الوُصُولَ إِلَيْهَا، أَلَا تَجْعَلُ في صَدْرِهِ هَمَّاً؟

المُؤْمِنُ يَخَافُ مِنْ سُوءِ الخَاتِمَةِ، وَهَذَا الخَوْفُ أَلَا يَجْعَلُ في نَفْسِهِ هَمَّاً؟

إِذَا حُبِسَ قَطْرُ السَّمَاءِ، أَلَا يَجْعَلُ ذَلِكَ في نَفْسِ المُؤْمِنِ هَمَّاً؟

وَالسُّؤَالُ: أَلَا تُزَالُ هَذِهِ الهُمُومُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَاً تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ»؟ فَأَيْنَ يَكْمُنُ الشِّرْكُ وَالكُفْرُ في هَذِهِ الصَّلَاةِ؟

وَنَحْنُ على يَقِينٍ بِأَنَّ الذي يَحُلُّ العُقَدَ، وَيُفَرِّجُ الكُرَبَ، وَيَقْضِي الحَوَائِجَ، وَمِنْهُ تُنَالُ الرَّغَائِبُ وَحُسْنُ الخَوَاتِيمِ، وَمِنْهُ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ على الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ تعالى، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا رَيْبَ، وَلَكِنَّ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ على سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سَبَبٌ لِذَهَابِ هُمُومِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

وَإِلَّا فَمَاذَا يَقُولُ المُعْتَرِضُ على حَدِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ» رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَمَعَ هَذَا يَجِبُ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ مَن يُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ بِعَدَدٍ مَحْدُودٍ أَو غَيْرِ مَحْدُودٍ أَنَّ هَذَا مِنَ السُّنَّةِ الوَارِدَةِ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3578 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-07-13
 1006
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 413
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 4425
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474
 السؤال :
 2023-03-25
 1322
أَنَا امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ مِنْ رَجُلٍ غَنِيٍّ، وَلَهُ عَلَاقَاتٌ مَعَ المُسْتَوَيَاتِ العُلْيَا في المُجْتَمَعِ، وَيُلْزِمُنِي بِنَزْعِ الحِجَابِ، وأَنَا مُحَافِظَةٌ عَلَى صَلَاتِي، وَبَدَأْتُ أَشْعُرُ أَنِّي مِنَ المُنَافِقَاتِ، وَأَخَذَتْ نَفْسِي تُسَوِّلُ لِيَ تَرْكَ الحِجَابِ وَالصَّلَاةِ، بِسَبَبِ هَذَا الشُّعُورِ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 12473
 السؤال :
 2023-03-25
 384
مَا صِحَّةُ هَذَا القَوْلِ: أَيُّكُمُ اسْتَطَاعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبِيئَةٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ؟
رقم الفتوى : 12472
 السؤال :
 2023-03-25
 78
إِنْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ الجَنَّةَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَكَانَ زَوْجُهَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمَا مَصِيرُهَا في حَقِّ الزَّوَاجِ؟
رقم الفتوى : 12470

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5600
المقالات 3112
المكتبة الصوتية 4649
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 410681454
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2023 
برمجة وتطوير :